الثلاثاء، 29 مارس 2016

هويدا الهاشم
هزّت خصرها لعادل كرم
فاهتزت غيرة هشام حداد!

هويدا الهاشم تعيد أمجاد الرقص الشرقي
ناريمان عبود مع هشام حداد الخطوة الناقصة

بقلم جوزف قرداحي
يبدو أن التنافس على أشده ما بين محطتي "LBCI" و"MTV" اللبنانيتين يتظهّر في برامجهما على اختلافها، بدءاً من برامج المواهب الفنية والإستعراضية مروراً بالمسلسلات الدرامية وانتهاءً بالبرامج الإنتقادية الساخرة والكوميدي توك شو، المأخوذة من برامج الـ: Late night talk show الذي ابتكرته محطة الـ CBC الأميركية منذ العام 1948 مع مقدم البرامج إد سوليفان، والذي أحدث ما يشبه بداية ثورة جديدة في مفهوم البرامج الحوارية الساخرة، حيث أطلقت أكثر من محطة أميركية برامج مشابهة، تنافست فيما بينها على تقديم الأفضل، وتسابقت على اكتساب أكبر قدر ممكن من المشاهدين.

نجيب حنكش

رياض شرارة

ما ينطبق في بلاد العم سام من تنافس على البرامج التلفزيونية سواء كانت درامية أو كوميدية ساخرة، ليس بالضرورة أن ينطبق في لبنان أو في العالم العربي، وخصوصاً في زمن الإستسهال، وفقدان الأخلاقية المهنية التي كان قد أسسها في البدايات رواد أمثال الراحلين الكبيرين نجيب حنكش ورياض شرارة. فالمنافسة اليوم باتت على من يسبق من في التفاهة والإقتباسات الفارغة من المضمون ناهيك عن سوقية بعض البرامج التي باتت لا تستحي حتى من أن تكشف عن عورة مذيعاتها في سبيل استقطاب المشاهد المستسلم لما يُفرض عليه من مسلسلات هزيلة تعتمد على الشكل دون المضمون، ومنوعات سوقية يبدو فيها المذيع بائع خضار أو في أفضل الأحوال لاعب كشاتبين على البرج (أيام العز) يتذاكى على ضيفه ليغرقه في أسئلة تفوح منها رائحة الصحافة الصفراء التي لا تعيش سوى على الفضائح، وداخل غرف النوم الحمراء.

سليفي مع المخرج ناصر الفقيه
هذا التنافس بدا جلياً في الأسبوع الفائت بين برنامجي "الأل بي سي" و"الأم تي في" الأشهر : "هيدا حكي" لعادل كرم  و"لهون وبس" لهشام حداد، مع التفاوت الكبير في المستوى ما بين أداء عادل المتمكن والآتي من خلفية كوميدية حققت بصمات واضحة في عالم البرامج الساخرة، ناهيك عن خبرة تفوق العشرين عاماً في هذا المجال، وما بين هشام حداد الباني أمجاده على برنامج النكات المبتذلة "لول" وعلى خبرة هشة في تقديم برنامج "حرتقجي" الذي لم يستطع أن يحقق نسبة المشاهدة العالية التي حققها "لول". الأمر الذي يستدعي فعلاً إلى طرح أكثر من علامة إستفهام حول مستوى الذوق العام لدى جمهور التلفزيون، وبالتالي حول مستوى نضجه الثقافي ووعيه الإجتماعي، ودعوة المسؤولين إلى البحث جدياً عن المسؤول الذي يقف وراء هذا الإنحطاط في الذوق الثقافي والموسيقي والفني. فحين يصبح برنامجاً قائماً على النكات الإباحية الرخيصة، أكثر تحفيزاً للمعلن من صوت فيروز أو وديع الصافي، أو أكثر جماهيرية من مسرحيات الأخوين رحباني، على الدولة بوزارة ثقافتها أن تدق ناقوس الخطر وتعلن حالة الطوارىء، لإن انحطاط ثقافة الإعلام من انحطاط الدولة ونظامها التربوي من جذوره.  
مع المنتج المنفذ طارق كرم
من هنا ندرك أهمية أن تبادر إدارات البرامج في التلفزيونات اللبنانية إلى إعادة هيكلة برامجها وتقييمها والحرص على مضمونها المحفز نحو الأفضل، بدلاً من التسابق على المنافسة غير المتكافئة بين برامجها. وقد بدا واضحاً في الأسبوع الماضي هذه المطاردة الكاريكاتورية لعادل كرم من قبل هشام حداد، المرابض على كوع "هيدا حكي" ليكتشف هوية الضيف أو الضيفة المميّزة التي كان قد أعلن عنها عادل في حلقة سابقة من غير أن يصرّح عن إسمها. وكانت المفاجأة التي اربكت هشام حين إكتشافه أن أسطورة الرقص هويدا الهاشم هي الضيفة الأكثر من عادية التي ستحل على استديو "هيدا حكي"، ولكن دون أن يدرك تفاصيل إضافية. ما دفعه على الفور للجوء إلى أقرب وأسهل الحلول وهي الإتصال بالراقصة ناريمان عبود لتحل ضيفة على فقرة من فقرات برنامجه وعلى وجه السرعة، وذلك في محاولة منه لسرقة الأضواء من وهج ضيفة عادل كرم العائدة إلى ساحة الرقص الشرقي عودة الملكة إلى عرشها وعلى السجادات الحمراء التي فُرِشت لها في أثناء استقبالها داخل استوديوهات "الأم تي في".
هذه المطاردة وعلى الرغم من أنها أسفرت عن اختياره غير المدروس للراقصة ناريمان عبود اللاهثة وراء تلميع أمجاد وهمية، فأوقعتها تلك الأوهام كبش محرقة لأهواء هشام اللاهث هو الآخر وراء السبق الإعلامي على حساب برنامج "هيدا حكي" الذي أثبتت الإحصاءات أنه الأعلى في نسبة المشاهدة. 

أسطورة الرقص هويدا الهاشم مع عادل كرم الإستعراض الراقي
أقول هذا الكلام بتجرد ومحبة للراقصة ناريمان عبود التي ظهرت في حلقة "لهون وبس" كظل يطارد الأصل. فلا يستطيع اللحاق به لأن الظل يختفي حين تُسلّط الأضواء على الأصل.  ولا سيما أن حلقة هويدا الهاشم مع عادل كرم جاءت حلقة استثنائية بكل ما للكلمة من معنى، من حيث ضخامة الإستعراض الراقص الذي قدمته هويدا بشكل مدروس ومتقن إلى جانب فرقتها التي تألفت من نحو ثلاثين فرداً بين عازف وراقص على رأسهم ضابط الإيقاع الشهير جوزف خوري. ناهيك عن الفقرات الحوارية التي كشفت عن شخصية هويدا التي جمعت بين المرح والذكاء وسرعة البديهة. فشكلت مع عادل ثنائياً متناغماً في الحوار والأداء والقفشات، الأمر الذي ساعد على إسقاط كل حواجز الاتيكيت الإجتماعية بينهما، إلى حد تماهيه الكامل مع فرقتها الفولكلورية، فلم يتردد عادل في اعتمار العقال والكوفية ورقص الدبكة البعلبكية كواحد من أعضاء الفرقة.
عادل كرم يعتمر الكوفية البعلبكية ويرقص ضمن فرقة هويدا
لعل عادل كرم بخبرته الواسعة، مدرك سر لعبة التقديم ومفاتيح النجاح، وهو أن يجعل ضيفه يشعر وكأنه واحد من أفراد عائلته، وبالتالي أن يحب ضيفه كما يحب نفسه. فحين رقصت هويدا الهاشم على أغنية رائعة الأخوين عاصي ومنصور الرحباني والسيدة فيروز "بحبك يا لبنان" كتحية منها للعائلة الرحبانية الرائدة، كانت تدرك أيضاً كيف توازي بين قيمة الرقص الشرقي وقيمة الغناء الوطني، فأشعلت استديو "هيدا حكي" بأدائها الراقي، ليصفق لها عادل مع جمهوره هاتفاً بحرارة: "بحبك يا هويدا"! 



هويدا ترقص "بحبك يا لبنان" وعادل يهتف بحبك يا هويدا
الخطوة الأولى نحو الإستعراض الكبير المنتظر قد حققتها هويدا الهاشم بنجاح من خلال ظهورها التلفزيوني الأول بعد غياب استمر أكثر من عشر سنوات بسبب زواجها وانجابها وانشغالها بتربية وحيدها شربل الذي بلغ عامه الثامن منذ فترة، يبقى أن تتبعها هويدا بالخطوة الثانية والأهم وهي التحضير الجيد والمدروس لأعمالها الفنية المقبلة، التي ستضعها أمام رهان استعادة عرشها الذي بقي خالياً في غيابها، على الرغم من عجقة راقصات الأمر الواقع!       

الاثنين، 28 مارس 2016

"شعراؤنا" الأرمن هل كانوا لبنانيين
أم عرباً؟!


جولي مراد توقع كتابها

بقلم جوزف قرداحي
ما هي علاقة الأدب الأرمني بالأدب العربي؟ وتحديداً بأدباء المهجر اللبنانيين أمثال جبران خليل جبران ومخائيل نعيمه وأمين الريحاني وإيليا أبو ماضي ونسيب عريضة ورشيد أيوب وغيرهم؟! هل هي المأساة التي جمعتهم أبان الإحتلال التركي وصنوف العذاب والتنكيل التي تلقاها أهل بلاد الشام على أيدي العثمانيين الذين لم يوفروا جماعة إثنية عاشت تحت حكمهم من المذابح التي طاولت السريان والأرمن والأكراد والأشوريين جماعياً وبغير رحمة؟! أم هي الصدفة وحدها التي جعلت أوجاع الشعراء واحدة وهمومهم واحدة وقضاياهم واحدة؟!
لعل الغزوات الكثيرة والإحتلالات التي تعرّض لها البلدان، ومن الشعوب نفسها: (أشوريون، يونان، رومان، عرب، مغول، فرس، أتراك وروس) لم تكن وليدة صدفة ربما. فالموقع الجغرافي الاستراتيجي لكلا البلدين، جذب جيوش تلك الشعوب.



تقول مؤلفة الكتاب جولي مراد:
-        لو ألقيت نظرة على خارطة أرمينيا الحالية وعكست اتجاهها بالمقلوب، لرأيت خارطة لبنان. إنه أمر فاجأني لأنني لم أكن أدرك مدى التشابه بين لبنان وارمينيا حتى بالجغرافيا، مع الفارق أن أرمينيا لا تقع على البحر بسبب قضم أراضيها من الجانب التركي. لهذا تجد أن المعاناة جراء الغزوات والإحتلالات التي تعرض لها الشعبان اللبناني والأرمني هي واحدة، وخصوصاً إبان الإحتلال التركي الذي جوّع اللبنانيين والسوريين في العام 1914، والمذابح الجماعية التي تعرّض لها الشعب الأرمني في العام 1915، ما جعله يجد في الوطن اللبناني ملاذاً آمناً، وشعباً يشبهه في الكثير من العادات والتقاليد. من هنا تجد هذا الاندماج السريع للشعب الأرمني في البيئة اللبنانية، وتكيفه مع مختلف مفاصل الحياة فيها، إلى درجة أنك لا تعود قادراً على التمييز ما بين الشعبين المنصهرين إلى حد الإندماج.
هذا الإندماج الأدبي والتراثي ما بين الشعبين الأرمني واللبناني، يلاحظه د. ربيعة أبي فاضل في أكثر من قصيدة في كتاب جولي أبو مراد "شعراؤنا/ صانعو مجد أرمينيا"، ولا سيما أن إمكانية الترجمة من لغة الى لغة وإن اعتبره البعض خيانة للشعر وللنص واللغة، إلا ان التجارب الآتية من وجع مشترك ومن قضية واحدة، من شأنها أن تساهم في تقريب هذا الاحساس ما بين لغتين مهما تباعد في النطق والسمع. يقول ربيعة ابي فاضل:
-        ثمة تلاقِ رهيب ما بين التجربتين اللبنانية والأرمنية في الشعر والأدب، وعلى سبيل المثال يقول الشاعر الأرمني غيفونت أليشان (مواليد 1820) في قصيدة "النهر/ هراستان":
ها هي الأرض... للغرباء تُركت
فأصبحتُ "هائماً" أعيش في غربة
أين أهلي؟
يا هراستان يا مياه وطني، أين أعيادي، طقوسي، أين مقدساتي...
أين صروحي
أين أشجار اللوز
هل "ذرّتها" الرياح؟  (صفحة 104)
يتابع د. أبي فاضل:
-        في الوقت عينه، تقرأ لجبران خليل جبران "مات أهلي"، فتلحظ أن الروح واحدة والمعاناة واحدة:
مات أهلي جائعين،
ومن لم يمت جوعاً قضى بحد السيف.
نكبةُ بلادي مأساة
حبلت بها رؤوس الأفاعي والثعابين.
يؤكد أبي فاضل:
-        السؤال "أين أهلي" تأكيد لموتهم، تماماً كما جبران حين أعلن موت أهله في مجاعة 1915-1918.
على الرغم من الفارق الزمني مابين قصيدة "النهر/ هراستان" لأليشان التي كتبها في العام 1847 أبان الغزو الفارسي، وقصيدة جبران "مات أهلي" التي كتبها في مجلة "الفنون" المهجرية العام 1917، إثر المجاعة التي اجتاحت سكان القرى في لبنان إلا أن التشابه في الوصف يكاد يكون واحداً. أليشان يأخذنا في قصديته بعيداً إلى سهول ووديان أرمينيا حيث أهله يقاسون نير الإحتلال الفارسي:
-        أين أهلي يا هراستان
هل أسرهم الفرس
أدخلوا في صدر الثرى؟
آه... يا هراستان... أيها النهر
يا مياه وطني
أيتها الشطآن... أبصمت تنتحبين؟!
يكفيك يا نهري دمعي ونحيبي (صفحة 105)
يبدو جلياً مقدار المعاناة التي عاشها الشاعر غيفونت أليشان غريباً في وطنه، أو ربما في غربة المنفى، حيث ولد في القسطنطينية على ما تقول سيرته الذاتية وعاش وترعرع متنقلاً ما بين فيينا سعياً للدراسة، وموسكو وإيطاليا وباريس في بحثه عن لقمة العيش!
لا يسعنا اختصار كتاب "شعراؤنا/ صانعو مجد أرمينيا"، الأقرب إلى موسوعة منه إلى كتاب من الحجم الكبير، من خلال القاء الضوء على سيرة وأعمال شاعر واحد من مجموع الشعراء الأرمن الذين جمعتهم جولي مراد في هذا المجلد الضخم والأنيق، في عمل أدبي تميّز بالبحث الدقيق، والجهد المضني امتد إلى سنوات، للخروج بترجمة أمينة لعشرات القصائد المختارة بعناية، ونقلها إلى قراء العربية، محافظة على هذا النبض الإبداعي في الوصف والبنية الشعرية، حتى ليخال قارىء لغة الضاد أنه أمام قصائد لشعراء لبنانيين أو سوريين أو مصريين بفضل أمانة الترجمة وسلاسة نصوصها.

اللافت في كتاب جولي مراد الصادر عن "دار المراد" بتجليد فني فاخر، هو الجمع ما بين الشعراء والرسامين التشكيليين وشهداء الكنيسة الأرمنية، وكأن مراد الأديبة والصحافية المتعمقة في اللغات شاءت نقل تاريخ متكامل للحضارة الأرمنية إلى العربية، في محاولة لبث الروح إلى هذا التراث المجهول من أغلبية الناطقين بلسان العرب. على الرغم من ما تحمله هكذا إصدارات من مغامرة كبرى على مستوى الإقبال، في زمن الاستهلاك الإلكتروني والقراءة الرقمية المقتصرة على ما تنشره وسائل التواصل الإجتماعية من أخبار سريعة، خفيفة، وثقافة فايسبوكية هشة!    
لن يختبر القسيس
عذريتي!



بقلم كارولين كامل
 منذ سنتين وبعد أيام من خطبتي وعودتي من الإجازة للعمل مرة أخرى، وأحسب العاملين في المجال الصحفي على أحد التيارات المستنيرة في مصر، وبعد التهاني والأماني استأذنت زميلة لي في سؤال "هو أنا ممكن أسألك ومن غير زعل.. هو خطيبك يوم الفرح هيبات فين؟"، بكل عفوية جاوبتها "للأسف مفيش فلوس نعمل شهر عسل.. هنبات في شقتنا أو ممكن نسافر بعد كدة كام يوم أي مكان فيه بحر"، امتعض وجهها ويبدو أن إجابتي لم تقنعها وظنت أني أخاف الحسد على "شهر عسلي" المزمع قضائه في هاواي. نظراً لعملنا معاً أكثر من سنتين، كانت المساحة بيني وبينها تسمح بأن يستمر الحديث بعد أن انتبه الزملاء لنا، "يا بنتي افهميني.. أنا بتكلم عن أول ليلة.. عريسك هيبات فين"، ضحكت رغما عني "يعني هيطفش من أول ليلة.. هيبات في البيت.. إيه الأسئلة العجيبة دي.."، فردت بسرعة "بصراحة من الآخر أنا عارفة إن القسيس هو اللى بيبات مع العروسة أول يوم عشان عذراء وكدة.."، ربما كانت هذه أكثر لحظات حياتي اندهاشا فانفجرت في حالة ضحك هيسترية، بينما ظل زملائي في حالة صمت مطبق. "والنبي ما تزعلي يا كارول.. أنا معظم أصحابي في إسكندرية مسيحيين.. بس عمر ما جت لي الجرأة أسألهم"، جاوبتها بكل صراحة أني لم أغضب على الإطلاق ولكنها المرة الأولى التي أتعرض فيها لهذا السؤال، ومنبع دهشتي أنه صدر من صحفية تتميز برجاحة عقل أكثر من آخرين يكون الجهل سبب في تولد وتصديق مثل هذه الأفكار في أوساطهم. كانت المفاجأة أن كل زملائي عقبوا على دهشتي بأن هذا السؤال راودهم كثيراً وليست هذه الزميلة وحدها، ومنهم من تقبل الفكرة كما هي نظراً لأنها من طقوس وممارسات العقيدة المسيحية كما أخبروني، ومنهم من قرر تغليب المنطق والعقل ولكن ظل من حولهم يصدقون ويرددون مثل هذه الأفكار. أسئلة مشروعة على مدار العامين تجنبت الكتابة عن هذا الموقف، ولكن ظل سؤالها يلح في بالي، كيف ينظر من يصدقون هذه الأساطير للمسيحيين، هل يعتقدون حقاً أن العروسة تقضي ليلتها الأولى مع القسيس، بينما ينام زوجها قرير العين في منزل أسرته، ويأتي في الصباح لإعداد الإفطار لهما مثلا! كيف حضرت زميلتي عشرات الزيجات المسيحية وفي كل مرة تعود إلى منزلها وهي تتخيل أن صديقتها العروسة ستنتهي من الحفل التي تعقب الإكليل أو حتى دون حفل، ليأخذها والدها وزوجها "ذبيحة قربان" لرجل الدين تطبيقاً لنصوص مسيحية علي حد ظنها. أي دين شاذ ينص على هذا! أي أب مريض وزوج عديم الرجولة يسمحان بهذا! أي فتاة تقبل هذه الجريمة حتى ولو باسم الدين..! استطلاع رأي منذ فترة ومن المنصة ذاتها كتبت مقالاً عن حقيقة القبلات داخل الكنيسة، فتلقيت ردودا عدة وكان أبرزها "أيوة مش بتبوسوا بعض.. لكن العروسة بتنام مع القسيس"، فعاد الموضوع إلى ذهني مرة أخري، فقررت أن أرجع لوالدي وأسأله هل سمع من قبل عن مثل هذه الأفكار الغريبة، فجاوبني أنه لم يسمعها مطلقاً في شبابه أو من أبناء جيله، ولكنه سمعها لأول مرة في منتصف الثمانينات بعد حمى البترول والسفر للسعودية. قررت أن استطلع رأي من حولي قبل الكتابة فطرحت السؤال أولاً على أكبر عدد ممكن من زملائي وأصدقائي المسلمين وكانت النتيجة صادمة حقاً، الأصغر مني بعشر سنوات وأكثر، كلهم أكدوا تداولهم لهذه الفكرة ويشعرون بفضول شديد حول حقيقة هذه الطقوس المخيفة، من كانوا في مثل عمري وأكبر قليلا منهم من لم يسمع إطلاقاً بهذا الكلام، ومن سمع به لم يكن يعرفه منذ الصغر وإنما منذ سنوات قليلة، ومن هم في عمر والدي أو أقل بقليل سمعوا بها مؤخراً أيضاً كحال والدي. في حال أصدقائي ومعارفي المسيحيين انقسموا لقسمين فقط، إما من يعرف نظراً لأنه اشتبك في مشاجرات دامية بسبب هذا السؤال، أو من لم يسمع إطلاقاً بمثل هذا الكلام وسبب سؤالي هذا صدمة حقيقية لهم، وبناء على هذه النتيجة والحوارات التي استمعت لها شعرت أني مستعدة للكتابة لتوضيح حقيقة هذه الفكرة السقيمة التي تشوه بالتأكيد نظره المسلم للمسيحي. عقوبة الزنا في المسيحية جاءت ما تُعرف بـ "الأديان السماوية" بالذات بعد شوط كبير من الحضارة الإنسانية، ارتقى فيها الإنسان بذاته وقيمه وأخلاقه دون عقيدة سماوية، ومن قبل الحضارات كانت فطرة الإنسان قابلة لفرز الطيب والخبيث من الممارسات، ومنها الرجولة والنخوة أو حتى في أسوأ الظروف كان الامتلاك جزءًا من طبيعة الإنسان فلا يقبل أن يقاسمه أحد ممتلكاته، ولا يتقبل العقل تقديم الرجل لزوجته لرجل آخر ولو باسم الدين، حتى في معشر الحيوانات يذود الذكر عن وليفته ولا يقدمها هبة لذكور آخرين. ربما شهدت بعض مما تُعرف بـ "الأديان الوضعية" كما يلقبها البعض ممارسات مشابهه في المعابد مثل تقديم العذارى للكاهن، أو ندر الفتيات لأنفسهن للخدمة في المعبد، وغيرها، إلا أن العقيدة المسيحية تنص صراحة على تحريم الزنا فقال المسيح "قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تزنِ، وأما أنا فأقول لكم: إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه"، إنجيل متي إصحاح 4. وفي  رسالة بولس الرسول لأهل كورنثوس الإصحاح السادس يقول "لا تضلوا: لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون، ولا مضاجعو ذكور، ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله"، وتابع يؤكد "اهربوا من الزنا. كل خطية يفعلها الإنسان هي خارجة عن الجسد، لكن الذي يزني يخطئ إلى جسده، الجسد ليس للزنا بل للرب والرب للجسد، ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح، أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية". إن كانت المسيحية تُحرم النظرة وتقول صراحة عن اشتهاء الرجل لامرأة زنا، وتُغلق "أبواب السماء" في وجه الزناة، أيُعقل أن تسمح به لرجل الدين..؟ المسؤولية الأديرة وما تخفيه من أسلحة، حيث يمارس الرهبان اللواط سوياً، والراهبات يضاجعن القساوسة، وغيرها من الأساطير التي روجها كثير ممن يلقبون أنفسهم بـ "الدعاة" أبناء الوهابية وهم المسؤولون عن اعتناق الكثيرين لأفكارهم المريضة التي تشوه العلاقات بهذه التساؤلات المختلة وهي السبب الرئيسي في زيادة الاضطرابات بين المسيحيين والمسلمين في مصر بعد عصر الانفتاح وترويج شيوخ "البرميل النفطي" لهذه الخيالات المريضة. الأكثر سخرية هي استشهاد الكثيرون ممن يصدقون هذا العبث بالفيلم الأمريكي "القلب الشجاع..The Brave Heart"  للمثل ميل جيبسون والذي يروي ممارسات الجيش الانجليزي أثناء احتلاله إسكتلندا ومنها أحقية السيد وهو قائد الجند في فض بكارة العذارى في الليلة الأولي من زواجهن، وحاول جيبسون حماية زوجته من هذا المصير فماتت بعد أن ذبحها السيد. ولا أعرف ما سر الربط بين هذا الفيلم وبين العقيدة المسيحية، ولكن يبدو أن عادة مروجي مثل هذه الأفكار الشاذة يستقون معلوماتهم عن الدين من "هوليوود" وأفلامها باعتبارها الناطق الرسمي للغرب المسيحي الكافر، ويعشقون ربط الخيال بالواقع ولم يستحي كثيرون منهم وهم يشيرون لأفلام وقصص غريبة تؤكد أفكارهم. لست أمام محكمة، ولا أشعر بالخجل أو أني مدانة أو متهمة بشيء، وكلماتي ليست معنية بالدفاع عن الدين، وإنما دفاع عن إنسانيتي وكرامتي ونخوة كل من هم في حياتي ويهمهم أمري، إن كان عدد لا بأس به من المقربين لي كان يراودهم هذا الهاجس بخصوص ليلة زفافي وخجلوا من أن يسألوني، فأنا أدعوهم لحضور زفافي وصلاة "الإكليل" في الكنيسة ويشاطروني البهجة دون أن تكدر صفوهم أفكار مغلوطة.

نقلاً عن "اليوم الجديد"

السبت، 26 مارس 2016

"الآلامThe passion "
لـ ميل غيبسون
تشويه لصورة المسيح!


بقلم جوزف قرداحي
براعة ميل غيبسون الاخراجية ومهارته في تحريك الكاميرا لم تخدمانه كثيرا في نقل اخطر واهم حادثة تاريخية ودينية غيَّرت مسار البشرية منذ الفي عام، بأمانة كاملة.
فقصة الآلام كما رواها الانجيليون الاربعة اختلفت في وقائع كثيرة وتفاصيل قد تكون في غاية الدقة والاهمية عن القصة التي رواها غيبسون في فيلمه "الالام The Passion " المتميز في تقريب الشخصيات من ملامحها الاقرب الى المنطق البيوجغرافي لسلالات الشعوب. (مايا مورغنسترن، في دور مريم ام يسوع، التي اقتربت في تقاسيم وجهها من المرأة الشرق اوسطية، الخمسينية، المفجوعة بمحاكمة ابنها على ايدي الكهنة اليهود والفريسيين. وقد تكون من المرات النادرة التي نرى فيها شخصية مريم الاقرب الى ام رجل تخطى الثلاثين، منها الى صبية يانعة تبدو "ابنة لابنها" على ما عودنا مخرجونا المحليون، رواد هذا النوع الديني من الاشرطة التلفزيونية.
غير ان الافراط في العنف (ادرجته لجنة مصنفات الافلام، تحت خانة "أفلام العنف" التي تحظر على من هم دون الخامسة عشرة مشاهدته) وحصر الفيلم في مرحلة الاثني عشرة ساعة الاخيرة من حياة المسيح، منذ تسليمه على جبل الزيتون الى الجند الروماني، ومحاكمته وتعذيبه وموته ثم وضعه في القبر، لم يخرجه من دائرة العنف الذي أعطاه طابعاً ملحمياً رومانياً، شُحن بالاجواء السوداوية والكثير من الدماء والتشويه الجسدي الامر الذي لا يلتقي مع رواية الاناجيل الاربعة المتطابقة الى حد كبير.
واذا كان اختيار معظم شخصيات الفيلم الرئيسية موفقاً، غير ان لاعب شخصية المسيح، الممثل المعروف (جيم كافيازيل) اعطى في ادائه انطباعاً لا يلتقي مع جوهر المسيح وطبيعته المتفوقة، والتي لا تقارن بالطبيعة البشرية العادية. فبدى المسيح مع (كافيازيل) هزيلاً، ضعيفاً، خائفاً ومتوتراً، في الوقت الذي هو في جوهره وطبيعته، هادئاً، واثقاً، مواجهاً "الكأس المرة" التي جاء من أجلها بصلابة أخافت جلاديه، الامر الذي لم نلمسه في "آلام" غيبسون على براعته في إحضار المشهد الديني وبث الحياة في عروقه. خصوصاً حسن اختياره اللغات الاصلية المحكاة في تلك الحقبة، الآرامية لغة المسيح، واللاتينية الشعبية لغة الرومان.
وقد يكون تأثر ميل غيبسون باسلوب "التضخيم" السينمائي الاميركي خصوصاً في الافلام ذات الطابع الملحمي التاريخي، جعله يقع في فخ الابتعاد عن المناخ "الرسالي" و"التبشيري" لسر الفداء، موظفاً كل مهاراته كسينمائي عريق، والتفوق التقني على الصعيدين البشري والآلي، ليجعل من الساعات الاخيرة لحياة المسيح مجرد صفحة سوداء ومتوحشة من صفحات اليهود الكثيرة في تاريخهم الدموي. وليجعل من فيلم "الالام" اقرب الى افلام "الثريللر" المرعبة، خصوصاً في ادخال شخصيات ايحائية تقترب من شخصيات مصاصي الدماء للدلالة على الشياطين، ولكن باسلوب تشويقي نافر لا يخدم الفكرة الدينية.

ومن المآخذ الكبيرة على فيلم "الآلام" انه بقي غامضاً على المشاهد الآتي من خلفية دينية او ثقافية تجهل جوهر المسيحية في العمق، فلم تصله رسالة التألم والفداء كما هدفت اليها الاناجيل الاربعة، في التمهيد لاعمال المسيح وتعاليمه ومعجزاته قبل الشروع في رحلة الآلام والقيامة. فالمشاهد غير المطلِّع وصلت اليه صورة الآلام قاتمة سوداء، بلا امل او خلاص او هدف، اللهم هدف التعذيب المازوشي، الذي احترفه الرومان ومعهم اليهود بامتياز.
المرأة القوية
للكسر!



بقلم ستيفاني السخن
تمرّ أيام عليك, تتزعزع فيها ركائز ثقتك بنفسك, وتهتزّ مكنوناتك المتماسكة تَحْت وطأة رياح الكُره العتيدة ...
لا تحزني يا امرأة إذا لم يمنحك شريكاً بارداً كلّ ما تستحقينه من دعمٍ و تقدير .
لا تصدقي النعوت و الأوصاف السلبيَّة الصادرة عن عدو فتكت به قدراتك الحادة.
لا تثقي بصديق متملّق يدمّرك من خلف الستائر دون أن تعي
حقيقة مشاعره .
لا تنزعجي من نظرات زملائك الحاقدة المتوعّدة بالشر.
فالمرأة القوية يا عزيزتي ، تُجمِع نساء الكون  كلّها على محاربتها متى تعجز عن مجاراتها والوصول إلى كلّ ما هي عليه اليوم، والرّجل المُنكسِر تُربكه نظراتك الحادّة ويهدّد طموحك الجبّار طمأنينته، فنراه يتلعثم في الكلام كلّ ما مرّ اسمك في أحاديثنا الشيقة، لذلك يا عزيزتي، يلجأ دوماً إلى السلاح الوحيد الذي يمتلكه، سلاح "التمييز العنصري"، ليقنع نفسه والجميع  بأنّ السبب الكامن وراء نجاحك و تألّقك ما هو إلّا نتيجة محتومة  مرتبطة بانوثتك المغرية, كما لو كانت هذه الأخيرة وحدها السبب في وصولك إلى عالم النجاح والازدهار، ناسفاً من خلال هذه النظريّة الملفّقة والمبتذلة كلّ ما تملكينه من طاقات فكريَّة وجسديّة  ومُلغياً بالتالي كلّ المصاعب والمشقّات التي اجتزتها بفضل عزيمتك لتحقيق مرادك .
وأخيراً لك مني هذه النصيحة الخجولة المتواضعة, لا تحتفظي يا جميلة برجل يعتبر نجاحاتك إنتقاص من رجولته او تقليل من شأنه، ولا تسلّمي نفسك إلى رجل لا يريدك أكثر من ربّة منزله وأم لأولاده المدلّلين...
فالرجل الذي يستحقّ العناء هو الذي يرى في قوّتك ملاذاً وافتخاراً، الاحتفاظ به واجب عليك وحقّ على ذكائك، هذا هو الإنسان الذي يزرع فيك القوّة والعزم كلّ ما اهتزّ عرشك، هذا هو الذي يقدّم لك الحب والحنان بعيداً من كبريائه ومنطق العنصرية المُفتعلْ .

الجمال /الذكاء ، هما التركيبة الكاملة التي يبحث عنها كل رجل صالح. الجمال وحده لا يكفي و الذكاء وحده لا يشعل موقدة الحبّ، كما ان هذه التركيبة تحتاج الى توليفة صحيحة ورعاية واهتمام دائم لتستمر و تنمو!

الثلاثاء، 8 مارس 2016

هويدا الهاشم:
ورشة التحضيرات بدأت
وإطلالة قريبة على الـ MTV
مع عادل كرم!




"مرايا بيروت"- ليماسول / قبرص
تنهمك الفنانة هويدا الهاشم في هذه الأيام بالتحضيرات لتنفيذ سلسة من الاعمال الإستعراضية الراقصة الجديدة، والتي استحضرت من أجلها إلى مكان إقامتها في قبرص ضابط الإيقاع الشهير جوزف خوري لإجراء بعض التمارين على عدد من الإغنيات الإيقاعية المعروفة عالمياً ولبنانياً وعربياً، وبالتالي لتصميم عدد من الإيقاعات الجديدة ضمن قالب إستعراضي مبتكر ستحدث مفاجأة جديدة في عالم الرقص الشرقي لطالما انتظرها عشاق فن هويدا منذ زمن بعيد.
فريق عمل موقع "مرايا بيروت" الذي سافر خصيصاً إلى ليماسول من أجل مواكبة وتصوير تلك التحضيرات التي بدأتها في عيد الحب الذي صادف يوم عيد ميلادها أيضاً، عاد بهذه التغطية الحصرية بالصور والفيديو.


تحية لفيروز
وسميرة توفيق
الجدير ذكره، أن الفنانة هويدا الهاشم التي حرص فريق عملنا على تسجيل بروفاتها الراقصة على أيقاع أغنتين معروفتين الأولى "حبيتك ت نسيت النوم" للسيدة فيروز، والثانية "ولله صبّو هالقهوة" لسمراء البادية سميرة توفيق، أكّدت أنها ارادت أن ترقص على هاتين الأغنيتين كتحية حب وتقدير للفنانتين الكبيرتين، وكبادرة إعجاب كبير تخصه لكل عمالقة الشرق الذين لن يتكرروا أمثال: أم كلثوم، ووديع الصافي وصباح وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ووردة وفريد الأطرش وغيرهم.

"هيدا حكي"
واستكمالاً لتلك التحضيرات، ستلبي هويدا الهاشم دعوة تلفزيون "الأم تي في" في الأيام المقبلة من أجل تصوير حلقة من برنامج "هيدا حكي" مع مقدم البرامج المعروف عادل كرم، والذي يُعتبر أحد أهم مقدمي هذا النوع من "التوك شو" في لبنان والعالم العربي. 


مليون ونصف المليون
 مشاهد
أخيراً، لا بد من التذكير بأن نسبة مشاهدة فيديو "الفالانتاين" قد بلغت أكثر مليون متفرج، أما نسبة المشاهدة في فيديو "صبّو القهوة" فقد بلغت ما يتجاوز السبعمئة ألف متفرج في خلال مدة لا تزيد عن الأسبوع. 

هويدا الهاشم في أثناء البروفات مع ضابط الإيقاع جوزف خوري أمام كاميرا جوزف قرداحي


الفنانة هويدا الهاشم ترد على أسئلة رئيس تحرير "مرايا بيروت" جوزف قرداحي

الفنانة هويدا الهاشم وضابط الإيقاع جوزف خوري وتصميم رقصات وأيقاعات جديدة
تحية لسمراء البادية سميرة توفيق من أسطورة الرقص هويدا الهاشم

جوزف قرداحي وراء الكاميرا ومدير الأنتاج التنفيذي جورج الهاشم يضبط الإيقاع

تحية من قبرص

مناقشة حامية قبل بدء البروفات

فريق الأكسسوار يباشر في تجهيز المسرح

جوزف قرداحي مع فريق التصوير

فريق الأكسسوار في أثناء ورشة بناء المسرح

الأحد، 6 مارس 2016

المجدلية
رجمتها الكنيسة مرتين!


بقلم جوزف قرداحي
منعت اللجنة الادارية للحركة الثقافية في انطلياس برئاسة الأب جوزف ابي رعد ندوة كانت ستعقد في مركزها حول كتاب: "ماريكا المجدلية" للإعلامي والاديب اللبناني ايلي صليبي. على خلفية ان الكتاب يحمل مضمونا كنسيا ويسيء الى رمز من رموز الانجيل المقدس مريم المجدلية، المرأة التائبة التي لجأت الى يسوع وآمنت به وأصبحت من اتباعه بعدما تخلت عن كل مغريات الجسد وشهواته وامجاد اﻷرض الفانية، لتربح المجد السماوي.
مريم المجدلية على جدلية شخصيتها الواردة في الأناجيل الأربعة، والخلط بينها وبين المرأة الزانية التي أمسكها غلاة الدين اليهودي بالجرم المشهود، وجاؤا بها الى المعلم ليوقعوه في تجربة رجمها حسب شريعة موسى، فأوقعهم في فخ شرورهم حين قال لهم: من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر.
هذا الالتباس بشخصية المجدلية المبهمة في الانجيل، جعل منها إمرأة زانية في الكثير من الروايات التي حيكت حولها، وفي روايات أخرى جعل منها إمرأة تحترف البغاء في بيت دعارة سرية.
غير ان شخصية المجدلية الحقيقية المثبتة في الانجيل، هي شخصية إمرأة تنتمي الى عائلة ثرية من قرية اسمها المجدل، أحبت المسيح وعشقته فسخرت ثروتها لدعم رسالته، وتخلت عن كل أمجاد عائلتها لتلتحق بمجموعته التبشيرية. وهي بالتالي شقيقة اليعازر الذي أقامه يسوع من الموت وأيضا شقيقة مرتا المنشغلة بأمور كثيرة.
مريم المجدلية التي أحبت يسوع كثيرا، ودلقت قارورة الطيب على قدميه ونشفتهما بشعرها، لم تكن اطلاقا تعمل في الدعارة كما يتراءى للبعض، ولم تكن بالتالي هي المرأة الزانية التي أرادوا رجمها، بل هي تلك المرأة التي أحبت يسوع كثيرا فقال لها: "طوبى لك... ﻷنك احببت كثيرا، يغفر لك كثيرا"، الأمر الذي ترجمه بعض مفسري الانجيل تفسيرا مغايرا للحقيقة، وهو تفسير يفضح نظرة رجال الدين السلبية الى الحب، حيث جعلوا منه شيطانا رجيما والقوا القبض عليه وحكموا عليه بالسجن المؤبد. فربطوا الحب بالجنس، والجنس بالشهوة، والشهوة بالخطيئة.
من هنا نفهم قرار الأب جوزف ابي رعد بمنع الندوة حول كتاب ايلي صليبي، وهو قرار يرجم المجدلية مرتين، مرة حين فهم مفسروا الأناجيل حبها للمسيح فهما خاطئا، فربطوا هذا الحب العظيم بالشهوات الدنيئة وجعلوا منها إمرأة منحرفة تتوب الى المسيح، ومرة ثانية، حين ربط الاعلامي الكبير اسم المجدلية باسم عاهرة شارع المتنبي ماريكا اسبيريدون، التائبه عن عمر يناهز السبعين عاما، والمكرسة ثروتها التي جنتها من التجارة باجساد ضحايا البغاء اللواتي اوقعهن الفقر والجوع والحظ السيء في شبكتها للكنيسة.
بعيدا عن محتوى كتاب ايلي صليبي الذي يحمل عنوانا استفزازيا بامتياز "ماريكا المجدلية"، يتبادر السؤال بالحاح، هل بات دور الكنيسة اليوم ينحصر في مراقبة الأقلام الأدبية والأعمال الفنية لمصادرة وقمع كل فكر يتناول اي من "محرماتها"، وهل أصبح المركز الكاثوليكي للإعلام هيئة كنسية لممارسة دور مطاوعة هيئة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وهل أصبحت ندوة حول كتاب مهما تجاوز الخطوط الحمر أكثر استفزازا من مشاهد قطع الرؤوس والجثث المحترقة العارية التي تتحفنا بها محطات التلفزيون يوميا، وتنتهك كل الحرمات والمحرمات؟!

(عن "أسواق العرب" اللندنية)