جعبة أبو وسام



ما في حدا أكبر من بلدو

إلّا فيروز!

بقلم أبو وسام
happy new year!
إسمحوا لي بدايةً ان اعتذر عن خُلو جعبتي في الاسبوعين الماضيين لكن الغائب كما يقولون عذره معه وانا في الواقع املك عذرًا وجيهًا لا يقبل النقاش : لقد كنت غارقًا في الأمنيات!
لا داعي للاستغراب يا رفاق، فالامنيات بتلهي الدب عن عليقه..رغم انني في هذا التشبيه اخذت انا دور الدب بشكل واضح الا ان ذلك بملء ارادتي لان هذا التشبيه بالذات هو التعبير الاكثر وضوحًا ودقةً في وصف الحال التي كنت فيها.
ولا مشكلة في ان اتحول الى دب ان كان ذلك سيخدم السياق..شفتو قديش انا مضحي وحريص على ايصال الفكرة..مع انو لهلق انا نفسي ما فهمت الفكرة..من الاخر يعني يلي بدي قولو انو قد ما كنت غرقان لشوشتي بالامنيات والتمنيات والدعوات والامال وجرعات التفاؤل ما قدرت اكتب مقال..ذلك انه من الضروري ان اكون في حالة صدق تامة مع نفسي كي استطيع الكتابة وفي الحالات المذكورة التي كنت فيها هناك هامش كبير من الكذب على الذات او لنقل هامشًا من تجميل الاشياء..وها انا اعود لكم مجددًا بعدما عدت الى حالة الوضوح والصدق التي لا تشوبها زحمة المعايدات..

انو هلق كل سنة بدنا ننجوي بذات اللعي؟وبدها تتكرر ذات الامنيات؟مع انو التكرار مفروض يعلّم الحمار يعني بس نحنا كجنس بشري ما منحب نتعلم يا خيي..نحنا جماعة غاويين امنيات منعرف مسبقًا انو ما بتتحقق بس ضروري نتمناها وإلّا منحس في شي غلط..هل يعقل يعني تجي سنة جديدة وما نتمنى الصحة والعافية والخير ويعم السلام؟ما بيصير..بحس حالو بلا ذوق الواحد مع انو عارف تمامًا انو المرض لا بد منو والشر مستشري والحروب حدّث ولا حرج..
ما كان للمرء ان يعلق على الموضوع لو ان القصة تقتصر على الامنيات فتلك قد نتقبلها برحابة صدر ونكررها من باب الايجابية واللياقة الاجتماعية..لكن الطامة الكبرى نجدها في طريقة استقبالنا للعام الجديد في كل عام..نحن نُقبل على سنةٍ جديدة اقبالنا على فتح الاندلس او القسطنطنية!يعني طريقة استقبالنا للسنة واحتفالنا فيها بتخلي الواحد يحس حالو نوبل لما اخترع الديناميت..شغلة كبيرة كتير يعني..انجاز غير مسبوق يتخطى اكتشاف الجاذبية والوصول الى القمر.
ولووو خيي..خلصوا ٣٦٥ يوم وبلشوا ٣٦٥ يوم غيرهن..على شو مبتهجين؟!انو وين الشي يلي بيبسط بالقصة نورونا!
ما الداعي للاحتفال بانقضاء يوم واقبال آخر او انقضاء عام ومجيء آخر؟شو اكتشفنا المَي السخنة مثلًا؟وين الانجاز؟؟شو لزوم هالفرحة العارمة يعني كأنو السنة يلي جايي بدها تشيل الزير من البير..ما على قولة زياد الرحباني..بعدو حنا حنا..انو انت مبارح كنت ٢٠١٥ وهلق صرت بال ٢٠١٦ شو تغيّر عليك من مبارح لليوم لحتى عامل هالدوشة وضحكتك لقرعتك؟عملولك upgrade مثلًا؟او نزل منك موديل جديد حشا قيمتك..لا وخود على رصاص وزمامير وتعبيط وكجكجة وغناني ورقص وشمبانيا!ولك شو اخدت كاس العالم؟ايام عم تمرق من عمرك هيدي يا خيي والايام بتصير اسابيع والاسابيع شهور والشهور سنين..هيك قسموها جدودنا من مدري كم الف سنة لحتى ينظموا وقتهن مش لحتى كل ما مرق ١٢ شهر نعمل مهرجان..تقبر جدودك!

قد يقول قائلٌ ان الاحتفال بعام جديد هو نوع من الترويح عن النفس واستقبال العام بايجابية عله يكون افضل من سابقه..فاعتمادًا على قانون الجذب قد ننجح في ان نكون مغناطيسًا للامور الايجابية حين نكون ايجابيين..هع هععع..اهلين..كان غيرك اشطر يا حبيبي..لو بدها تشتي غيمت يا عبد المجيد مجذوب انت..ولك الجنس البشري صرلو الفين سنة بيحتفل على راس كل سنة وهيي ما شايفة منو الا قفاه!الفين سنة ونحنا نقول انشالله هالسنة تكون احلى من يلي قبلها وبعدنا من سيء لأسوأ بس انا معجب باصرارك..ما زهقت ولو خيي؟ما يئست؟ما بتنقضى معك القصة بكلمتين؟خلص خيي كل عام وانتو بخير وانتهت القصة ضروري تعمل ليالي ملاح يعني وتنهبل وتحط يلي فوقك وتحتك؟؟ايه لا بس انت ما فيك..لازم تفشِّخ عالعالم وتنجدب وإلّا ما بتحس حالك بني ادم..ما انت بتنطر من السنة للسنة لحتى تحس حالك بني ادم..وعالمناسبات..لازم تشبق السيجار وقميص آيشتي وتروح تسهر بأغلى مطعم وتسمع وحدة عم تنشز بس فخادها عاجبينك..خيي اسمعني كلمتين..السنة الجديدة ما رح تكون احلى من يلي قبلها..والسلام ما رح يعم..وبالنسبة للصحة اخرتك بدك تموت يعني مش مهم بأي سنة..شربلك كاسين نبيذ وفوت نام..ما نوم الاهبل عبادة كمان..

في لبنان وصلت الحالة الى درجة لا قيمة للوقت فيها اصلًا..النفايات اغرقتنا منذ شهور ويمكن لها ان تبقَ شهورًا اخرى..عادي..لا احد يكترث..وكرسي رئاسة الجمهورية فارغ منذ اكثر من سنة وقد يستمر على هذه الحال سنوات اخرى..عادي..لا احد يكترث..ما هوي اصلًا متل قلتو..بعتقد ما حدا حاسس بفرق اصلًا..بلد ماشي بقدرة الله وليلى عبداللطيف..
منذ قيام دولة لبنان الكبير الى اللحظة لا زلنا نعيش في الدوامة نفسها..فساد..طائفية..فئوية..حرب..سلم..حرب باردة..حرب..سلم..اغتيالات..عنصرية..تعصب..وفساد اولًا واخيرًا..وهكذا..كل السنوات التي ذهبت واقبلت لم تغير شيئًا على الاطلاق ولن تفعل..رغم كل الاحتفالات والتفاؤل والايجابية ورغم كل كوتيون العالم لا زالت كل سنة تجتهد في اثبات نفسها كأسوأ سابقاتها..وهذا ما سيبقى الوضع عليه في ما هو قادم من سنوات والتاريخ سيستمر في اعادة نفسه دون ملل..وانت مصر تحتفل..يا اخي شو بدك..شعب عنيد!

هات لنشوف شو هيي اهم انجازات السنة الماضية يلي انت كمان سبق واستقبلتها بالطبل والزمر كأنو كليوبترا قامت من قبرها..هلق صحيح بعدو ما في رئيس..وصحيح بعدها الزبالة عالطرقات..وصحيح ما في امن والفساد متفشي..وصحيح انو الكهربا صارت تجي زيارات مفاجئة وبتنقز..وصحيح انو مريم نور بعدها عايشة هيي والحمار والمخلوقات الفضائية..وصحيح انو مقدمات اخبار الجديد بعدها طويلة ومسمّة وكلها حشو واكل هوا..


ولكن الصحيح الوحيد في ما سبق ان اجمل ما في رأس السنة هذه السنة هو ان فيروز قد اطلت علينا لثوانٍ قليلة..وخلصت سنة..وطلت سنة..

ما في حدا اكبر من بلدو..إلّا فيروز.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزواج المدني بالإكراه الديني!


بقلم أبو وسام
قبرص هنا..فشخة!
تستمر السلطات الدينية عبر التاريخ وحتى اللحظة بممارسة هوايتها المفضلة بلا انقطاع او كلل الا وهي القمع..القمع بكل اشكاله والوانه ومعانيه وعلى كافة الصعد والمستويات..ففي حين تدعو الاديان كافة - بالمبدأ - الى المحبة والخير والاحترام تأتي الممارسة نقيضةً للمبدأ فنرى ان القمع والمنع وكبت الحريات من ابرز شيم السلطات الدينية في كل مكان وزمان..وتبدأ السياسة القمعية من عند امك لما تقلك انت وزغير قعود عاقل احسن ما الله يحرقك وتنسحب الى كل الممارسات القمعية التي مارستها سلطة الدين منذ فجر التاريخ حتى اليوم..من السيوف الى مقصلة محاكم التفتيش في الكنيسة الكاثوليكية الى حكم الشريعة والقاعدة وداعش وما الى هنالك من حركات متشددة وممارسات قمعية عفنة..ما هيي المشكلة بتبلش بالدين نفسو لما يقلك انو انت منيح وكل الباقيين كفار والى جهنم وبئس المصير..طيب انت كمتدين اهبل لما دينك يقلك هيك شو بدو يطلع منك يعني..انو بس تشوف واحد دينك واصفو انو كافر بدك تاخدو بالاحضان وتضَيفو زبيب وقضامي مثلًا؟؟حتى لو ما كنت قادر تكون عنيف معو اقل شي بدك تاخد منو موقف سلبي وعدائي..ما علينا..

ليس هذا موضوعي الاساسي اليوم..اخترت ان انطلق من العام كي اصل الى الخاص..ان التطرف والتشدد الدارجين كثيرًا هذه الايام ليسا شرطًا للممارسات القمعية..فحتى مجتمعنا اللبناني الموسوم - لسببٍ او لآخر- بطابعه المتحرر والمنفتح في المحيط العربي (يمكن لأنو نحنا اكتر بلد في نسبة حدادة وبويا للشفاف والصدور وغيرو او لأنو نحنا الوحيدين يلي عنا القط بينعملّو اغنية) تسيطر عليه في العمق نزعات دينية قمعية في ابسط الحقوق والممارسات اليومية..يعني من برّا هالله هالله ومن جوا يعلم الله..متل واحد راشش كولونيا لمنفلِق وصرلو شهر ما تحمم..ميكس اخو شليتة..شو رايكن مثلًا انو ببلد الانفتاح والتحرر على اساس بعد ما في عنا قانون مدني للاحوال الشخصية؟؟وما عنا زواج مدني يا اخوان!!

لا اعتقد انه هناك بني ادم في العالم اكثر شطارةً من اللبناني في رش الكولونيا..مش مهم من جوا شو في خيي..المهم المظهر..في الظاهر نحن بلد الحريات والانفتاح وفي الحقيقة نحن اتفه بكثير من ان نلامس التمدن وابعد ما يكون عن التحضر والحضارة..ما فيك اصلًا تكون حضاري قبل ما توقف بالصف..وما فيك تعمل حالك متمدن ومتحرر وما توقف عالاشارة يلي مضوية أحمر..هلق مش احمر منك هيي بس انو حمرا انقبر وقاف..وما فيك يا حبيبي تتغنى بمجتمعك وانت زواج مدني منك قادر تتزوج..وهنا أم المصائب!!

في اواخر العام ٢٠١٥..وفي قلب القرن الحادي والعشرين..هيدا القرن يلي ريتو يفوت كاملًا بيهونيك مطرح ما تواخذني..وفي زمن الواتساب والفيسبوك والبحث عن كواكب اخرى صالحة للعيش فيها..هناك بلد صغير قد فرحة قلبي اسمه لبنان فيه شي ٢٧ الف طايفة قاعد عم يتغنى فيهن..على اساس هودي غِنى يعني..وهالطوايف فايتة ببعضها لدرجة بيمغزلو عيونك..حتى لو انت طبيعي بتنحِوِل..وهالطوايف كلها ما عندا قانون موحد مدني للاحوال الشخصية..ايه نعم يا عزيزي..يعني كل طايفة مع نفسها خيي..كانتونات العادي..وليك يا حمّودي، اذا عمو جورج عطاك بونبوني اوعى تاخدها منو!
فليشرح لي احدكم، رجاءً يعني، كيف يمكن لوطن تعيش فيه طوائف متعددة ان لا يكون فيه قانون واحد موحد مدني لحتى يحكم كل هالجحافل..هلق هوي صحيح كلهن على بعضهن الجحافل فركوشين ونص بس بيضلو حاسّين انهن شاغلين العالم..مع انو ما حدا قاريهن يعني..في ستك وعمتك وامك شايفينك بس..وجارتك اللتلاتة اذا شي..ولك قبل ما تشغل العالم رتّب بيتك يا اخي..قانون زواج مدني يا رجل..اضعف الايمان هيدا..شي بديهي لدرجة اني حاسس حالي حثالة اني مضطر احكي فيه!من غير المقبول على الاطلاق في هذا العصر وفي بلد ليس الحكم فيه دينيًّا او شرعيًّا ان لا يكون هناك قانون زواج مدني اختياري..ومن غير المفهوم او المبرر انو كل ما واحد بدو يتزوج مدني يفز على قبرص..شو هالبيروقراطية السخيفة والمريضة هيدي..انو عيني لا هون ما فينا نزوجك مدنيًّا بس فز عالطابق الخامس تزوج فوق وجيب الورقة لهون وانا بسجلك ياها تكرم عينك!ناقص نجيب معنا طابع بألف من قبرص ونبزق عليه لحتى يلزّق..ولاه شو هيدا؟؟يعني عاملين اضرب من يلي لاقط دينتو الشمال بإيدو اليمين او العكس..وقاعدين تنكتوا عالحماصنة يا ولاد الآدمية!

من حيث المبدأ، ليس هناك في القانون اللبناني ما يمنع اتمام الزواج المدني وتسجيله داخل الاراضي اللبنانية، ولكن بما اننا في لبنان والمبدأ دائمًا يختلف عن الواقع نجد انفسنا فعليًّا امام سلطات دينية قمعية تشرئب اعناقها متنطحةً كلّما سمعت صوتًا جديًّا يطالب بزواج مدني وقانون مدني للاحوال الشخصية..وتذهب هذه السلطات في الوقاحة الى حد اعتبار الزواج المدني اباحة للزنا!!لا يا شييييخ..انت بتتكلِّم بجد ولا بتهزَّر..وحياة أُمَّك؟؟يعني هلق الزواج المدني زنا؟؟يعني كل يلي متزوجين مدني دايرينها دعارة؟؟طيب بالنسبة للمتعة والعرفي وما لف لفيفهم؟قمة الطهارة مش هيك؟لا بس مهضوم كتير المنطق تبعك..زواج مدني حبيبي زواج قانوني هيدا..في كل مقومات الزواج الديني ما عدا مباركتك الجليلة ما تواخذني..حتى فيه حفظ للحقوق اكتر من زواجك الديني الذكوري غير المنصف..وفي شهود وفي اشهار يا عيني وين الزنا بالموضوع؟؟القصة وما فيها يا اصدقاء هي ان السلطات الدينية لديها رعب تاريخي دائم من انفلات السلطة من يدها..انو شو بيعود الو عازة رجل الدين اذا العالم ما تزوجت وطلقت عندو؟؟بيحس حالو نكرة يعني..كرمال هيك بيجي بيقلك انت عم تزني لازم انا باركك وامسحك مسحة الهية لحتى يصير النكاح شرعي..يا للعار!!ويا للسطحية!!

ان الوقوف في وجه تفعيل الزواج المدني ما هو الا اعتداء صارخ على الحريات الشخصية وعلى حرية المعتقد والتقكير التي يكفلها ما يسمى بالدستور اللبناني..خيي انا حر..بدي ازني..بدي عربد..شو الك معي؟؟رح تتحاسب عني شي بكرا بس تقوم القيامة وتبلّش المحرقة؟؟من وين الك حق تمنعني؟عال خيي المسيحي بيتزوج بالكنيسة عند الابونا والمسلم عند الشيخ..طيب الملحد وين بيتزوج؟الملحد ما الو غير الله الظاهر..اذا كان القانون يكفل لي حق المعتقد فإنه بالتالي يكفل لي حقي بأن اكون ملحدًا او كافرًا او حتى مؤمنًا على طريقتي الخاصة وغير تابع لاي سلطة دينية وهذا يعني ان هذا القانون نفسه عليه - كي لا يناقض نفسه - ان يكفل لي حقي في العيش في ظل قانون مدني يخدم ويحمي الجميع بغض النظر عن اي انتماء ديني او عقائدي..وإلّا خيي قلِبوها حكم ديني وخلصونا..بس انو كيف الحكم مدني وما في قانون احوال شخصية مدني؟؟كيف راكبة هيدي بعرضكن؟؟شو هالتركيبة المبندقة هيدي..مين هالمعتوه يلي لاقط ذينة الجرّة يا خيي؟؟كيف مدني يعني انو لابس مدني مثلًا مش بدلة جيش؟؟انو ليك هلق نحنا دولة مدنية بس ما فيك تتزوج مدني..العمى شو هالحزورة البايخة والسئيلة هيدي؟؟ليك لما تطلب من واحد علماني يتزوج دينيًّا كأنك عم تطلب من مسلم يتزوج بالكنيسة..هيي ذاتها..كيف قبلان بالاولانية ورافض التانية؟؟انفصام شرعي..

عبالي شي يوم احكي عن الزواج المدني بلا ما سِم مدني..قصدي بدني..تونس خيي..تونس يلي اصلًا كلها مسلمين سنّة تقريبًا وما عندها تعدد طوائف وقانونها مدني وما عندهن زواج اصلًا غير الزواج المدني..هول شو هول؟؟يعني هلق هيدا شعب مسلم بإمو وابوه عم يزني؟؟تونس كرخانة يعني؟؟


نحن في المحصلة نطالب بما هو حق طبيعي وبديهي للشعوب..قانون مدني يساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات والممارسات..ومع ان ذلك القانون يجب ان يلزم الجميع نحن لا نذهب الى المطالبة بقانون مدني او زواج مدني الزامي مراعاةً لحق المعتقد الديني..اننا ببساطة نطالب بحقنا الطبيعي بزواج مدني اختياري..العمى انو حتى الاختياري ممنوع؟؟يعني كمان مصادرلي حقي بإني اختار؟؟انا ربكم الاعلى فاعبدوني يعني؟؟!!اختياري يا اخي..يلي بدو يتزوج عندك وتعطيه بركتك العظيمة هوي حر..ويلي ما عايزك ولا عايز بركتك ولا عايز الله تبع ربك وبدو يتزوج عند سلطة مدنية قانونية كمان هوي حر..وليك..عاجلًا ام اجلاً برضاك او غصب عنك سنتزوج مدنيًّا وبينص دين لبنان وبدون ما نفز متل ابن بطوطة على قبرص..وانا ناطر هاللحظة بس كرمال شوف وجّك الكِشِن كيف رح يكون!



---------------------------------------------------------------------------------------


لم يكنْ أحدُنا يتوقَّع سؤالًا كهذا :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هلّق زياد الرحباني

أَهَم من جورج خباز؟!



بقلم أبو وسام
الزرافة اطول او الارنب اسرع؟!
كان العشاءُ ظريفًا لطيفًا..وكانت حماستُنا للضحكِ والثقافة تزدادُ مع كلِّ كأسِ عرقٍ جديد ذلكَ انَّ الثقافةَ أيضًا تصبحُ أقلَّ وطأةً وأكثرَ خفّة حين يبدأُ الخمرُ بدغدغةِ الدماغ..وعندما دارَ حديثٌ جميل حولَ عبقريةِ زياد الرحباني، لم يكنْ أحدُنا يتوقَّع سؤالًا كهذا :
"هلّق زياد الرحباني أَهَم من جورج خباز؟"
بنظرةٍ ساخرة وابتسامةٍ صفراء طرحَ صديقُنا هذا السؤال وضحكَ في سرِّه طويلًا وضحكنا معه جميعًا علنًا ما عدا واحد!
ذلك الأخيرُ غصَّ في اللقمةِ التي في زلعومِه وكأنَّ أحدًا شتمَه بالأم والأخت، فاحمرَّ وجهُه ووسُعَت عيناه وخرجَ من أذنيهِ دخانٌ إفتراضي، وبشراسة، إعتبر انَّ السؤالَ المطروح يُقصَدُ بهِ التقليلُ من أهميةِ جورج خباز وإبداعاتِه ودخلَ في جدالٍ جدّيٍّ طويل مع أحدِ الأصدقاءِ الموجودين في حينِ انّ الذي طرحَ السؤال بقيَ جالسًا يتفرّج ولا تزالُ على وجهِهِ الابتسامةُ ذاتُها..وعبثًا حاولَ الآخرون - وأنا منهم - إنهاءَ السجالِ الحاد بأقلِّ أضرارٍ ممكنة بالقولِ انَّ المقارنة غير عادلة وانَّ صديقَنا طرح السؤالَ ممازحًا لا أكثر وانَّ لكلٍّ من المتواجِهَين في مقلَبَي المقارنة إنجازاتُهُ وجماليتُه..حتى أنا - المتأثّرُ بزياد الى حدٍّ بعيد - حاولتُ أن أجاملَ أخانا الذي يحملُ لواءَ الخبّاز كما لو كانَ يحملُ مشعلَ الألعابِ الأولمبية ويخطبُ في جمعِ المثقفين هذا :
"جورج خلق مدرسة مسرحية..جورج الوحيد يلي مسرحه كل يوم مليان عالآخر..جورج عمل فيلم ترشّح عالاوسكار..جورج بيغني وبيمثل وبيألف وبيلحن ومخرج كمان..جورج طلع عالقمر.."
وعبثًا حاولَ صديقُنا الآخَر أن يقنعَه بأنَّ ما يتفضّل به ليسَ مقياسًا للابداع وانَّ الجماهيريةَ ليست بالضرورةِ مؤشّرًا على العظمةِ او العبقرية..ولا جدوى..في النهاية وعلى الطريقةِ اللبنانية "لفلفنا" القصة وشربنا كأس الإثنين وغيّرنا الموضوع...

ما رأيكم يا اصدقاء؟؟هل هذه مقارنةٌ ممكنة؟؟
ألا يُظلمُ الإسمان بشكلٍ أو بآخر في مقارنةٍ كهذه؟
لستُ بواردِ الخوضِ عميقًا في تجربةِ كلٍّ من الإسمين المطروحين ولكنَّ رميَ سؤالٍ كهذا بالطريقةِ التي رُمي بها والتي حاولتُ وصفَها في السردِ أعلاه، جعلني أفكِّرُ جدّيًا بايجادِ ملعبٍ للمقارنة علّني أنجحُ في ذلك معكم..
لا يمكنُ لأحدٍ ان ينكرَ ما حقَّقَه جورج خباز في مسيرته الفنية حتى الآن خاصةً على صعيدِ المسرح..أحببته ام لم تحبه، لا بدَّ لك من الاعتراف بأنه تمكن من صنعِ تجربةٍ مسرحيةٍ لافتة ومختلفة عن مسرح "الشونسونيه" الدارج في هذه الأيامِ الشحيحة والذي يعتمدُ النكتةَ الإباحية..تمكنَ الخباز من اضحاكِ الكثيرين حتى الآن على مدى اكثر من عشرِ مسرحياتٍ كوميدية هادفة دون ان يخدشَ حياءَ أحدٍ ودون ان يضطرَّ الى استعمالِ الجنسِ او الدين او السياسة بشكل مباشر..ان مسرحَ جورج خباز مسرحٌ عائلي خفيف ظريف بعيد عن الإسفافِ والابتذال فيه من الرسائل ما يكفي للفتِ نظرِ من لا يرغب بإيلامِ رأسه..مسرحٌ بسيط يشبه بساطةَ رُوّادِهِ على كثرتِهِم..وفيه من الوعظِ المباشر ما يكفي لإزعاجِ كثيرين..وما يعيَّب على مسرح الخباز ايضًا انه كثيرًا ما يقعُ في فخِّ التكرارِ المشهدي والكلامي..إعادةٌ شبهُ دائمة للمواقف الكوميديةِ ذاتِها وللغةِ الجسدِ المضحكةِ ذاتِها واحيانًا للّهجةِ ذاتِها والتعابيرِ ذاتِها..إنَّ ناقدًا مسرحيًا حقيقيًا او حتى مجرَّدَ مشاهدٍ جيد لن يقبلَ بمقارنةٍ بين هذا المسرح "اللايت" ومسرح زياد الرحباني الدّسِمِ الشديدِ الثِّقَل على خفّةِ دمِه..
ان تجربةَ زياد المسرحية مدرسةٌ حقيقيةٌ قائمة بحدِّ ذاتها..هذا العبقريُّ الدخيلُ على عالمِ المسرح استطاعَ فطريًّا خلقَ بيئةٍ مسرحيةٍ لا تشبه أحدًا على الإطلاق سابقًا كان أم لاحقًا..على عكسِ الخباز الذي تشعر تلقائيًّا وأنت تشاهدُ مسرحَه أنَّهُ طبخةٌ ذكية فيها قطعةٌ من شوشو مع رشّةٍ من غوّار فوقها ملعقتين من شارلي شابلن والكثير الكثير من زياد..هذا الاخيرُ الذي صنعَ ابجديةً شاملةً خاصةً به عبّدَ بها الطريقَ للعديدِ من المسرحيينَ من بعدِه وصارت على لسانِ كلِّ من شاهدَ مسرحياتِه أو سمعَها فقط وحفظَها عن ظهرِ قلب..."ابنك حمار يا ثرية....خليل كيفك خليل...بيفرد..ڤو ڤوليه دو لا نيج؟..." وغيرها الكثير الذي يُستخدم يوميًا على ألسِنةِ الزياديين في كلِّ أقطارِ الوطنِ العربي...أَتَرَون..نقول زياديين..دون أن يستغربَ أحد..أيأتي يوم ونقولُ خبازيين مثلًا..؟لا أعتقد..
تكمنُ عظمةُ تجربةِ زياد المسرحية في عمليةِ "الوقعنة" العبقرية التي أنزَلَها بمسرحِ أبيهِ وعمِّه..أعادَ زياد لبنان الى قطعةِ الارضِ بعدما نقلَهُ آخرون - بدافعٍ عاطفيٍّ بحت - الى قطعةِ سماء..هذا المسرح شبه الخالي من الاخراج وحتى من الاداء المسرحي الاكاديمي صارَ بلا شك نوعًا مسرحيًا مستقِلًّا..ماركة مسجلة باسم زياد..
القالبُ كوميديٌّ بامتياز مضحكٌ لدرجةٍ هستيريّة والعمقُ واقعٌ مرير ينقلُه زياد بكل ما فيه من سواد على مبدأ "شرُّ البليةِ ما يُضحك" فنضحك حتى انقطاع النفَس على واقعٍ لا زلنا نعيشُهُ حتى اللّحظة بشكلٍ او بآخر وهذه ميزةٌ أُخرى في مسرحِ زياد: ليس لهُ إطارٌ زمنيٌّ مُحدَّد..يمكن أن ينطبقَ على واقعِ سنواتٍ طويلة سبقته وسيظلُّ ينطبقُ على سنواتٍ كثيرةٍ آتية..إنَّ اتّساعَ الطرح وصوابَ التحليل وعمقَ الفكرِ الانساني والاجتماعي والسياسي لدى زياد سماتٌ انعكستْ جميعُها في مسرحِهِ وموسيقاه وكلِّ أعمالِه الغنائيةِ والاذاعية طبعًا لكننا نركزُ على التجربة المسرحية حصرًا لأنها العاملُ الوحيد القابل للمقارنة حسب السؤال الذي رماه صديقُنا في العشاءِ الميمون...هذه الأبعاد في فكرِ زياد الرحباني أكسبتْ مسرحَهُ غنىً وعمقًا وبُعدًا وُجوديًا وإنسانيًا وفلسفيًا لا نجدُه لا من قريب ولا من بعيد في مسرحٍ خفيف كالذي يقدِّمُهُ جورج خباز..ومن الناحيةِ الغنائية - بما انَّ الاثنين يكتبان ويلحنان اغنياتِ مسرَحَيْهِما - تبدو المقارنةُ غيرَ واردةٍ أيضًا..فأغاني مسرحيات زياد تخطتْ تمامًا الحالةَ المسرحيةَ او الموقفَ الآني على الخشبة وصارتْ اغنياتٍ ملتزمةً منتشرة في كلِّ مكان وعلى كلِّ لسان رغم انها كُتِبَتْ وُلحِّنَت في الأصلِ خدمةً لموقفٍ مسرحي محدَّد..والسبب هنا يعود ايضًا الى الابعادِ ذاتِها التي عكَسَها فكرُ زياد على مسرحِه وموسيقاه..في المقابل..مَن منكم يتذكَّرُ أغنيةً واحدة من احدى مسرحيات جورج خباز؟ما عدا الاطفال المهووسين فيه طبعًا..
لم تستطعْ اغنياتُ مسرحِ خباز أن تتخطى الخشبةَ على الإطلاق لأنّها محدودةٌ بالموقفِ والمشهدِ الكوميدي أو التراجيدي الآني الذي يقتلُ الأغنيةَ معه ما إن ينتهي..

في كلماتٍ قليلة يمكنُ اختصارُ كل ما تقدم..إنَّ مسرحَ خباز يتلاشى ويموت ما إن يُسدل الستار وتنطفئ الأضواء فيما يبقى مسرحُ زياد الرحباني حيًّا في الضميرين الفردي والجماعي لأن الفكرَ المُجَرَّدَ في هذا المسرح أوسعُ بكثير من الخشبةِ والضوءِ وأبعدُ بكثير من كراسي المشاهدين..

وفي العُصارة..تبقى الأمورُ الفنيةُ - مهما عظُمت قيمتُها الفكرية - خاضعةً للذوقِ الشخصيِّ لكلٍّ منّا..بناءً على كلِّ ما قرأتُموه واستنادًا الى ذوقِكم الشخصي أيضًا، أتركُ لكم أن تُجيبوا على السؤال الذي طرحَهُ صديقُنا طويلُ العمر ساخرًا في تلكَ الليلة..ومَن لا يريدُ أن يتكبّدَ عناءَ الاختيار أو الإعتراف بالنتيجة فلْيُمَنِّ النفسَ بحياديّةٍ باهتة وليَزعَمْ انَّ مقارنَتَنا تشبهُ بداية هذا المقال ولتكن الإجابةُ ببساطة : "الفيل أضخم". 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق