تربية

نتائج مترتبة عن امتحان الثقافة في اللغة العربية وآدابها (16 نيسان 2016)




بقلم د. سامية السلوم
في إطار تنظيم مجلس الخدمة المدنية مباريات للتوظيف، جرت اليوم مباراة مفتوحة لقبول طلاب شهادة الكفاءة في كلية التربية في الجامعة اللبنانية للتعيين بوظيفة أستاذ تعليم ثانوي اختصاص (اللغة العربية وآدابها) في ملاك وزارة التربية والتعليم العالي.
وقد ورد في ورقة امتحان الثقافة في امتحان اللغة العربية وآدابها ما يأتي:
 "مسابقة في الثقافة العامة بإحدى اللغات العربية أو الفرنسية أو الإنكليزية"
وجاء السؤال:
عالج الموضوع الآتي بإحدى اللغات العربية أو الفرنسية أو الإنكليزية:

تلقى اللغة العربية اليوم شيئًا من الإهمال نتيجة انصراف أبنائها عنها، بفعل عوامل عدّة، منها الحملات التي تستهدف الثقافات الإنسانية ذات الجذور الحضارية الأصيلة، وفي طليعتها اللغة العربية وما تحمله من تراث إنسانيّ.

فهل يمكن الوقوف في وجه هذه الحملات عن طريق ترغيب أبنائنا في تعلّم لغتهم ومساعدتهم في امتلاك مهاراتها لتعزيز الهوية والانتماء؟ أوضح ذلك.

يبدو من المسابقة بشكل عام أنّ على المتقدّمين إلى الامتحان اليوم، من حملة إجازة تعليمية في اللغة العربية وآدابها، أن يناقشوا إهمال اللغة العربية نتيجة انصراف أبنائها عنها، وإمكانية الوقوف في وجه حملات تستهدف الثقافات الإنسانية... ويكون الوقوف في وجه هذه الحملات عن طريق ترغيب الأبناء في تعلّم لغتهم ومساعدتهم في امتلاك مهاراتها لتعزيز الهوية والانتماء، ويمكن كتابة الموضوع بإحدى اللغات العربية أو الفرنسية أو الإنكليزية.
بدايةً؛ إذا كان حامل شهادة جامعية في اللغة العربية وآدابها يمكنه التعبير بلغات غيرها حتى في امتحان يخوّله النجاح فيه أن يعلّم اللغة العربية في الثانويات، فلا جدوى من هذه اللغة بالنسبة إلى المعنيين بموضوع دور اللغة وتدريسها. ولا جدوى من اللغة لأنها ليست وسيلة تعبير حتى عن ذاتها. (نتيجة أولى)
ثمّ إذا كان امتلاك مهارات اللغة يعزّز الهوية والانتماء (على ما ورد)، فماذا لو نفّذ الطلب أحد هؤلاء المتقدّمين إلى الامتحان وناقش الموضوع باللغة الفرنسية أو الإنكليزية في هذا الموضع؛ هل سيكون هذا المناقش ليس معزز الهوية والانتماء؟ وهل تتوافر فيه عندذاك شخصية المربّي الوطني؟!.. أو أنّ: لا دور للغة العربية عمليّاً في تعزيز الهوية والانتماء (نتيجة ثانية)
ومن يناقش الموضوع بغير اللغة العربية هل يكون منصرفاً عن اللغة ومهملاً لها بالممارسة وعليه أن يمثّل دور المهتم بها الذي يمتلك مهاراتها ويرغّب بها؟!... وبالتالي في الامتحان يتم توجيه النظر إلى القشور الظاهرة على حساب اللب الباطن، وفي هذا غش للذات، والحقيقة هي أنّ اللغة لا تعني القيّمين عليها الذين يبنون شخصية المتعلّم.
(نتيجة ثالثة)
وحتى إذا كانت معالجة الموضوع باللغة العربية، وكان فيها دفاع عن اللغة العربية الحاملة لتراث إنساني ولثقافة إنسانية ذات جذور حضارية أصيلة مستهدفة، فماذا يعني ذلك سوى الدفاع عن ماضي الذات في وجه حاضر الآخر؟ فالذات مخيّرة في الدفاع عن جذورها وتراثها ضد الحملات الحاضرة التي تستهدف الماضي. وليس للذات حاضر.
(نتيجة رابعة)
والموضوع يطرح الدفاع عن التراث اللغوي وليس نقده وتصفيته، ويعالج الحاضر من هذه الزاوية القوية في اللغة (الماضي)، وفي بطون معاجم اللغة ألفاظ ميتة، وإكرام الميت دفنه، فإكراماً للغة يجب توجيه العمل على استثمار إمكانيات اللغة الهائلة الراقية في الحاضر، وتطويرها لتعبّر عن الحياة لا عن الموت.
 لكن الموضوع  تحت عنوان الأصالة لا يدعو إلى نقد الذات وتطويرها.
(نتيجة خامسة)
في ضوء النتائج السابقة نجد أننا عمليّاً لا يمكننا الوقوف في وجه الحملات التي تستهدف اللغة العربية؛ لأنّنا في ضوء الواقع العملي للغة كما رأينا، نجد أنّ حاضر اللغة مفقود شكلاً ومضموناً، ولا مستقبل دون حاضر.


فامتحان الثقافة شكلي ولا معنى لمضمونه سوى أنّ على معلّم اللغة العربية المستقبلي أن يقول بلغته الأم أو بلغة الآخر أنه، الآن، غير موجود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق