تلفزيون

الإعلام
بين حاملي السيجار
و عارضات البيبي دول (Baby doll)



بقلم نقولا الفلوطي
نعيش اليوم، فترة انحطاط فكري، ثقافي، و أخلاقي يُعزى إلى نتائج الحرب اللبنانية الأهلية، التي أنتجت جيلاً فاسداً غير منتج، إلا للأزمات، في المجالات كافّة، خاصّة السياسية منها، و الاجتماعية.
إنها حالة معممة منذ 1990 عند انتهاء الحرب، إذ طافت على السّطح نفايات المجتمع اللبناني، و أمسكت بمقدرات البلد المختلفة، من سلطة، واقتصاد، و إعلام. و بدأ الفساد يستشري في البلد كالسرطان، إلى أن بات من الصّعب السيطرة عليه، و قد لعب الإعلام دوراً سلبيّاً في هذا المجال. و بدلاً من أن ينشر الوعي و الثّقافة للنّهوض بالبلد، لعب دور الراعي الذي ترك القطيع يقوده، و بدل أنّ يؤثّر في الجمهور، أثّر الجمهور فيه، و صار يُقدم له ما يريده، كالطبيب الذي يترك للمريض اختيار الدواء الذي يُعجبه.
من هنا بات الفن الوجه المجمّل للدعارة، و ظهر الفرفورة، و المرمورة "واللي نسيت شكلو كيف" لأنّها أرضت مدخني السيجار في الفراش، فنفّس رغباتها الفنية، و باتت الخامات الصّوتية في الملابس الداخلية، و بذلك انتشر الفن الهابط، على حساب الفن الهادف، لأّنه أكثر جماهريّة، وأكثر دعماً من الممولين. الأمر الذي جعل الإعلام اللبناني يساهم في محو الثقافة، و تأخير الرقي الفني في المجتمع.
الخطيئة الثانية للإعلام اللبناني تكمن بتحويل منابرها الفكرية، إلى منصات صواريخ كلامية تجاه الخصوم السياسيّن. فلم نعد نجد حرفية في نقل الخبر إلى الجمهور. بل نجد الخبر معلباً بنكهة التلفيق، و خلق الحقائق الكاذبة لتهييج الرأيي العام ضد بعضه بعضاً.
أمّا بالنسبة للخطيئة الأعظم، فتكمن في منع المواهب الخلاقة، و المبدعة من الوصول إلى المراكز التي تستحقها، و استبدالها بأهل المحسوبيات، و الوساطات العائلية، و الحزبية، و إن كان ذلك شأن البلد بأسره، إلا أنّ على الإعلام أن يكون قدوة للآخرين.
و النتيجة التي نخلص إليها، أنّ المحطات التلفزيونية السّبع الأساسيّة تمتلك برامج منسوخة من بعضها البعض شكلاً و مضموناً من الصّباح حتى المساء، ومثالاً على ذلك نجد أنّ كل التلفزيونات اللبنانية توزع برامجها وفقاً للجدول التالي:
-
في الصّباح نشرة الأخبار، ثم برنامج صباحي يليه حوار سياسي
 -
عند الظهيرة نشرة الأخبار.
 -
عند المساء برامج الأطفال.
- عند الثامنة نشرة الأخبار المسائية. يليها البرامج الحوارية السياسية.
هذا بشكلٍ عام، و لكن لكل محطة برامجها المتخصصة بالفضائح الاجتماعية التافهة، و الحوارات السياسية فضلاً عن البرامج ذات الطابع الإعلاني التسويقي التي جعلت من الشاشات سوبرماركت متلفز. كلها برامج منسوخة من بعضها، أما البرامج المختلفة فهي نماذج معلبة، مستوردة من الخارج. فعلى سبيل المثال استبدل "استديو الفن" بستار أكاديمي.
في الخلاصة لا فكر للبنان، و لا ثقافة، إلى بتخلي حاملي السيجار عن شهواتهم ولهاثهم وراء النساء وجمع الثروات المشبوهة في المصارف، و فتح الباب أمام المبدعين، والكف عن فتح الهواء لبائعات الهوى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق