تربية إجتماعية



العشق الرومانسي
في عصر الأنترنت!



بقلم ستيفاني السخن
رسالة حب دوّنها نابليون بونابرت من إحدى جبهات القتال وبعثها إلى زوجته جوزفين، يقول فيها: لم أمضِ يوما واحداً دون أن أحبك ولا ليلة واحدة دون أن أعانق طيفك وما شربت كوبا من الشاي دون أن ألعن العظمة والطموح اللذين اضطراني الى أن أكون بعيداً عنك وعن روحك الوثابة التي أذاقتني عذوبة الحياة. اليوم الذي تقولين فيه أن حبك لي قد نقص هو اليوم الذي يكون خاتمة حياتي."
الرسالة هذه، نموذج متواضع عن قصص الحب التي ضجت بها كتب التاريخ .
نادرون هم الذين يدركون روايات العشق الخالدة كالقصة التي جمعت العقل العسكري المدبر نابليون بونابرت و زوجته جوزفين في زمن كان العشق فيه داءَ العشاق و دواءً لشفائهم.
بالعودة الى رسائل بونابرت الشهيرة الى زوجته، والتي اتصفت  بالعشق و الشغف، و تضمنت اسمى كلمات الحب، علماً انّ جوزفين كانت تكبر بونابرت سنوات عديدة غير انها تمكنت من تملك عقل الرجل القوي الذي اذهل العالم القديم بقدراته و تكتيكاته العسكرية المباغتة مهيمناً آنذاك على المعارك في زمن الحروب الحاسمة. 
عودة الى الحاضر،  فلنحاول معاً نقل قصة الحب التاريخية هذه الى عصرنا الالكتروني السريع. و لنعتبر ان جوزفين امرأة عصرية تعشق رجلاً سياسياً يدعى بونابرت، تبعث اليه يومياً عبر البريد الالكتروني مثلاً الكثير من رسائل الحب الطويلة مفصحةً وبشغف  عن كل ما يختلجها من خواطر و احاسيس. امّا حبيبها بونابرت رجل  من رجال الدولة الحديثة، لا تغريه امرأة لجوجة تبوح وبالكامل باحاسيسها الجياشة  ولا تدوم شهواته الحسية والمعنوية تجاه امرأة قدمت له كل ما تملكه. هذه العلاقة الشهيرة و الخالدة  سوف تتحول دون ادنى شك الى علاقة  هوى قصيرة الأمد مصيرها الفشل المحتوم . عندما يغيب  عنصر الغموض الاساسي و تنسف مصداقية المرأة و شفافيتها منهج ألاعيب المُراهقة، تتحول حكماً جمرة الحب الحارة الي بقايا رماد متبعثرة و باردة.
يؤسفني القول انّ في عصرنا اليوم بات الحب عبارة عن مجموعة من الحيل الملفقة والاساليب المحنّكة و مجرد تكتيكات مدروسة متبادلة.
لو عاشت علاقة بونابرت و جوزفين الشهيرة في زمننا الحديث لكانت قد ذبُلت و انهارت مثل معظم قصص الحب الحديثة والزائفة.
و يجوز لنا ان نستنتج المعادلة التالية: امرأة زائفة زائد رجل موهوم تساوي علاقة حب قصيرة الامد فانية. والعكس صحيح .
لذا لايبقى علينا الا ان نقول و بحسرة؛
عار على كل من تفاخر بعصر بات فيه الاهتمام جريمة و هنيئاً لكل من صمد من روّاد الحب الحقيقي الذي ما زالت ذكراه تتردد حتى يومنا هذا.

-------------------------------------------------------------





بين العلاقات الأسرية والعنف العائلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل أنت عدو نفسك؟!

 
بقلم ستيفاني السخن

يولد الانسان نكرة فتضاف إليه عائلة للتعريف و يكتسب من خلالها إسماً ، هويةً ، ثقافةً.
في ريعان نشأته يتلقى أفكاراً و تقاليد مقتبسة من الأفراد والمجتمع الذي يتواجد فيه. فالميراث العائلي ليس مجرد ممتلكات ثمينة أو عقارات شاسعة او  أموال تنقل من فئة الى فئة، انما هو  ايضاً مجموع القيم والمبادىء والتقاليد. وتعتبر هذه الأخيرة  ارثاً مهماً و اساسياً للفرد، قد يحافظ عليها و يتمسك بها او يتخلى عنها ليستبدلها باخرى علها تناسب تطلعاته و تتماهى مع دوافعه اكثر، و هذا طبعاً بغض النظر عمّا اذا كانت سيئة ام جيدة .
نستذكر بعض الافكار المتوارثة التي يتلقاها الفرد؛
افراد العائلة  تربطنا بهم صلة وطيدة ومقدسة وتجمعهم بنا علاقة محبة ازلية.  الاب يمثل القوة الحامية ويؤمن الاستمرارية. الام ينبوع من الحنان المتدفق و العطاء السخي. اما الاصدقاء فوجودهم اختياري و لكنهم قد يشكلون احياناً خطراً على الفرد وذلك بحكم العلاقة الاجتماعية غير الأسرية التي تربطهم به.
من الاقاويل الشائعة ايضاً ؛ تجنب عدوك واتق نفسك منه ولا تؤمنه على جميع اسرارك .
تصبح هذه الاقاويل حكماً قيد التنفيذ و جزءاً لا يتجزء من شخصية الانسان التي على اساسها يحدد مسار علاقاته الاجتماعية كافةً.

مع زوال وهج الطفولة وضوضاء البراءة يرتطم الانسان بالجانب الحقيقي للحياة التي سوف تتخذه اسيراً لها، فتنتهي القصص الخرافية الجميلة  ليصبح بطل قصص اب ظالم ينهال على اولاده بالضرب ربما، او أم جاهلة تتخلى عن جنينها الذي لم تبصر عيناه النور بعد، واخ منافق يختلس اموال اخيه. و لكن احياناً يتبين له ان صلة الصداقة  الاختيارية قد تتحول لتصبح صلة اقوى من صلة الدم المزعومة، اذ ان الصديق هذا قد يلعب دور البطل البديل عن الاهل ليتفوق عليهم في الاداء.
ماذا لو قلت لك ان العدو الحقيقي ليس الذي نجهله انما هو الشخص الذي نعيش في ظله و تحت سقف واحد دون مراعاته لاي من القوانين الاسرية التي ترعرعنا عليها و من خلال ممارسته شتى انواع العنف، منها العنف المعنوي (كالكلام الجارح والاهانات) الذي هو بمثابة سرطان خبيث ينتشر في العقل، يدمر خلايا الثقة ببطء و يفتك بكرامة الانسان يوماً بعد يوم فتحتضر شخصيته ويتحول بالتالي الى شبه جثة تتنفس الصعداء تنتظر علاجاً عجائبياً ينقذها و يحييها.
إلى ذلك، هناك العنف الجسدي الذي يفرضه جلاد دون رحمة على ضحية جريمتها الوحيدة انها ارتبط وجودها في هذه الحياة  بوجوده .
نعم انه العنف الاسري المتفشي هنا و هناك في العائلات الفقيرة كما في العائلات الثرية.
من حلّل تمادي الاهل تجاه اولادهم، و من حرّم حق المجني عليه باسترجاع أبسط حقوقه؟
اما العدو الامرّ هو الذي يراك عن قرب ويعيش في داخلك، هو انت! غالباً ما تكون ديناميكية تفكير الانسان  متشحة بالسلبية و معادية  لمسيرة نجاحه، يكون تقييمه لنفسه في حالة سلبية دائمة، احياناً يتصف بالخجل و التردد، لا طموحات  لديه، لا آمال للوصول الى ايٍ منها، يعيش كل يوم بين افكار متناحرة ومزدوجة، يغوص في مقارنة مستمرة غالباً ما تكون لمصلحة الآخرين.
هنا تطرح المسألة؛ كيف تحارب نفسك وتقمع الافكار السوداء المتزاحمة فيها؟ من الفائز في معركة الوجود هذه؟ ومتى يحل الوفاق بين ذاتك و عدو ذاتك؟!
في الخلاصة "لا عداوة  في هذه الحياة تساوي او تفوق عداوة الانسان لنفسه "!


هناك تعليق واحد: