الاثنين، 27 أغسطس 2012

شعر


ندى بو حيدر طربيه لـ"مرايا بيروت"

أنا إمرأة من ورق...
تكتب لعاشق مجهول!

الشاعرة ندى بو حيدر طربيه في مكاتب "مرايا بيروت" مع جوزف قرداحي
بقلم جوزف قرداحي
هل يجتمع الجمال والذكاء في مكان واحد؟! نعم يجتمع، إذا كان هذا الجمال يحمل ملكة الشعر... ذلك أن الشعر والجمال توأمان منذ الخلق، ومنذ نضجت عناقيد ندى بو حيدر طربيه، وأصبحت حاضرة لخمرة الشعر وروح القصيدة. فحملت هم الكلمة باكراً، وعاشت قصة عشق معها، مع تفتح اولى براعم أحلامها. فكتبت الحب نازفة كل نبضة قلب، جرح قصيدة.

ندى بو حيدر طربيه، صاحبة الدواوين الشعرية الثلاثة: "صرخة صمت"، "عطر الندى" ومراية من ورق"، وحائزة الميدالية الذهبية في "استديو الفن" 2001- 2002 عن فئة الشعر، ومقدمة  برنامج (سهرية وأوف) على شاشة "الأو تي في" للشاعر موسى زغيب، زارت مكاتب "مرايا بيروت"، وتحدثت عن الشعر والحب والجسد، وأشياء أخرى حميمة، يكشفها هذا الحوار:

قلت لها:
·      الشعر في زمن الانترنت والفايسبوك... ماذا بقي منه، وماذا أبقى منكِ، وأنتِ الزوجة والأم والشاعرة؟
قالت:
-        طبعا تختلف الظروف والاسلوب في كتابة الشعر، ولكن يبقى المضمون واحداً، والاحساس نفسه... علماً أن قراءة الشعر عبر صفحات الكتاب، له حميمية خاصة، لا يمكن أن تلامسها عبر الانترنت... فأنا ما زلت اكثر التصاقاً وتأثراً بملامسة الورق ورائحة الحبر. أما ماذا أبقى مني الشعر كأم وزجة، فأرى أنه أضاف الكثير إلى أمومتي وإلى اقترابي من زوجي أكثر... علماً أن الشعر يبقى غريباً عن عالم الواقع، وعن الإلتزام الاجتماعي.

بطلي الشعري هو بطل خيالي له مواصفات خارجة
 عن الارض وعن الزمن

·      ولكن، عندما تصفين صورة معينة عن حالة عشق أو غرام، هل بالضرورة أن تتقمصي الزوج في كل بطولات الحب... ام لكِ بطل خاص، وحبيب شعري مجهول، لا يمت إلى واقعك كزوجة بصلة؟

-        الشاعر ينفصل عن الانسان وعن الواقع... وطبعاً بطلي الشعري، هو بطل خيالي، له مواصفات خارجة عن الأرض وعن الزمن، وعن المألوف. قد لا أعيش حالة الحب في الواقع، كما أعيشها في الشعر. فأنا في الشعر انفصل عن ذاتي، وعن واقعي. وإلا سأعجز عن كتابة الشعر. فأنا حين أقول في كتابي الأخير "مراية من ورق":  ((قْبال المراية صورتي عم بلْمحا/ متل الكأنّا خيال بلحظة انْسرق/ لا قادرة عنها دموعي إمسحا/ ولا ضُمّ عاشق دقّ عا بْوابا ومَرَقْ/ وبُكْرا متى فَرْطِت حبوب المسبْحة/ وشمع السهر عا مدْبَح العُمر احْتَرَقْ/ بكل المرايا صورتي رح تِنْمحا/ وبيضلّ وجّي عالمراية الْمِنْ ورقْ)). ستكتشف كم أن صورة العاشقة في شعري هي إمرأة من ورق، ومرآتها من ورق، وعالمها من ورق.

·      كونك أنثى في مجتمع ذكوري... ألا تعترضك بعض القيود الإجتماعية، التي تجمح خيالك الشعري؟

-        حين أكتب، أتحرر من جميع الأشياء، ومن جميع الحواجز والقيود... فسقفي مفتوح إلى آخر مدى في حرية الوصف والتعبير.

أنا إمرأة من ورق
·      هل تنفلتين حتى من قيود الجسد؟

-        لا أميل إلى الوصف الجسدي المباشر، بقدر ميلي إلى مخاطبة العشق الروحي، المرتبط برمزية جسدية غير مباشرة.

·      وكأنك لستِ من متذوقي شعر نزار قباني، ومقاربته جسد المرأة، مقاربة مباشرة وإيروسية؟

-        أنا من عشاق شعر نزار قباني، وقد تأثرتُ به كثيراً، غير أنني لست شاعرة إيروسية، ولا أجد نفسي في هذا النوع من الشعر. علماً أنني لست ضد الايروسية في الفن والأدب... وأنا أيضاً من عشاق الاديبة أحلام مستغانمي، المنفلتة في لغتها إلى خارج كل حدود الالتزام الاجتماعي.

·      منْ مِن شاعرات جيلك تستهويكِ شعراً... وما رأيك بالتالي بأسلوب جومانة حداد، التي كسرت كل التابوهات في شعرها، إلى حد تغزلها بالعضو الذكري وتأليهه؟

-        افضل عدم الغوص بالأسماء، كي لا أُتهم بالانحياز لشاعرة دون الأخرى... فأنا متذوقة شعر، وأقرأ معظم الاصدارات الشعرية. أما بالنسبة إلى رأيي بشعر جومانة حداد، فأنا أحترم تجربتها وجرأتها، وإن كنت لا أجد نفسي في هذا النوع من الشعر.
وبُكْرا متى فَرْطِت حبوب المسبْحة، وشمع السهر عا مدْبَح العُمر احْتَرَقْ،
بكل المرايا صورتي رح تِنْمحا، وبيضلّ وجّي عالمراية الْمِنْ ورقْ


الشعر حرفة وصناعة
·      حين يصبح الشعر مهنة واحترافاً، هل يفقد من رسالته وصدقيته. وخصوصاً أن بعض المناسبات تقتضي بالشاعر أن يكون تجارياً أكثر منه صاحب وحي؟

-        لست ضد أن يكون الشعر مهنة يعتاش منها الشاعر، تنتج له دخلاً مالياً ليعيش بكرامة. والشعر ليس كله وحي، بل معظمه حرفة وصناعة وخبرة ودراسة. طبعاً الدراسة لا تعطيك موهبة الشعر، ولكنها تعطي الشاعر حرفية ابتكار الشعر. وأنا اوافقك أن شعر المناسبات، يفقد الكثير من الاحساس، ولكنه يحافظ على إبداعه الشعري.   

·      أنتِ خضت تجربة تلفزيونية على شاشة "الأو تي في" من خلال تقديم برنامج "سهرية وأوف" للشاعر موسى زغيب. كيف تقومين تجربتك تلك؟

-        إنها تجربتي الأولى في عالم التقديم، وأنا هنا أحب أن أشكر الشاعر الكبير موسى زغيب، الذي اختارني لتقديم "سهرية وأوف"، على الرغم من عدم خبرتي في هذا المجال. غير أنها كانت تجربة غنية بالنسبة لي من جميع النواحي، وخصوصاً أنني كنت محاطة بفريق عمل رائع، مثل المخرج باتريك نعيمه، الذي اعطى البرنامج بصمته الخاصة في الإخراج، بالإضافة إلى فريق الاعداد المؤلف من د. ربيع زغيب وغارو جبور، والفريق التقني والانتاج الذي بذل كل طاقاته لإنجاح هذا العمل الثقافي الفريد، في زمن البرامج الخفيفة التي تعتمد على الشكل أكثر من المضمون.

مع الشاعر موسى زغيب في برنامج "سهرية وأوف"

من اليمن: المخرج باتريك نعيمه، الشاعر موسى زغيب، الشاعرة ندى بو حيدر طربيه والمطرب الياس كرم 
·      تساءل الكثيرون من عشاق الزجل، عن سبب غياب زغلول الدامور من لائحة ضيوف البرنامج، علماً أنه رفيق المسيرة الشعرية الطويلة لموسى زغيب؟

-        صحيح، ولكن لم يكن غياب زغلول الدامور عن البرامج إلا لأسباب قاهرة، ترتبط بوضعه الصحي. لقد حاولنا كل جهدنا لاستضافته في البرنامج، وقد قام فريق الإعداد بزيارته مرات عديدة، غير أن وضعه الصحي المتدهور حال دون تحقيق هذه الاستضافة الغالية على قلوب كل عشاق الزجل.

·      أخيراً، كتابك "مراية من ورق"... هل هو مرآة ندى بو حيدر طربيه الشاعرة العاشقة، الباحثة عن عاشق وهمي مجهول، على غرار قصص العشق والحبيب المجهول لدى فيروز في مسرحيات عاصي ومنصور الرحباني، أم هو مرآة الواقع في حياة إمرأة من لحم ودم وقلب ينزف شعراً وحب؟!


-        أنا إمرأة من ورق، تبحث عن عاشق من ورق، وحبيب مجهول يعيش في رحم الشعر، ولا يولد إلى الحياة، كي يبقى شعري فواحاً بعطر الندى!       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق