الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

إنقاذ الإسلام:
مهمة الملك سلمان
الملك سلمان... الدور الأصعب!
بقلم أحمد عدنان
يوم 13 نوفمبر 2015 هو عنوان العصر الذي ولجناه بعد حقبة 11 سبتمبر، وحين نتذكر تداعيات ما جرى في سبتمبر 2001 محركين عجلة الخيال لاستنباط ما قد يجلبه لنا عصر نوفمبر، بلا شك سنشعر بالصداع.
لم تكن تداعيات سبتمبر سيئة كلها، إذ احتفظت لنفسها بفضل إدخال العرب والمسلمين إلى أسئلة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتخلصنا من نظام طالبان، عرفنا لاحقا أن ذلك مؤقت، كرمز للاستبداد الديني، ثم تخلصنا من نظام صدام حسين كرمز للاستبداد الزمني، وبدأت أنظمة المنطقة إثر ذلك في التحلل من أوجه الشبه مع الأنظمة البائدة، مصر حولت الاستفتاء الرئاسي إلى انتخابات وصحافتها تجاوزت كل الخطوط الحمر، تحرر لبنان من الوصاية السورية بعد استشهاد الرئيس الحريري، السعودية اعترفت بالمرأة عبر بطاقة الهوية ثم فعّلت الانتخابات البلدية وسعى الملك عبدالله، منذ كان وليا للعهد، لتحقيق مشروع الإصلاح حتى غادرنا إلى جوار ربه.
كانت تداعيات سبتمبر تحمل داخلها عوامل ردتها، فالدخول الأميركي للعراق لم يجر بالسلاسة اللازمة، وجدت الولايات المتحدة نفسها في حاجة إلى حلفائها التقليديين في المنطقة، تحديدا مصر والسعودية، وعليه عاد حلم التغيير إلى المنام من اليقظة، ثم جرت مياه كثيرة، التمدد الإيراني في العالم العربي، ثم ربيع العرب، صعود الإخوان وسقوطهم، مضاعفات أزمة فلسطين المزمنة، والأعراض الجانبية لكل ما سبق، المأساة السورية وداعش وأخواتها.

ما شهدته باريس يوم 13 نوفمبر غير منطقي مطلقا، هو صدى حالة اللامنطق الطاغية على دنيا العرب والمسلمين، كأنّ أزمات الإسلام، بمظاهره الغربية قبل العربية، ولعنات العرب انفجرت بلا مبرر في أقرب عاصمة لهم، بدت أجهزة الأمن الفرنسية كمتصدية لغزو لا لعمليات إرهاب. في مثل هكذا لحظات يسخر القدر رجاله لتبني المهمات الجسام، أو لابد أن يكون الرجال العظام على أهبة الاستعداد للقيام بواجبات اللحظة التاريخية، وهنا نحسن الظن بالملك سلمان عاهل السعوديين والعرب.
مهما تحدثنا عن براءة الإسلام من الإرهاب، إلا أن إرهاب اليوم له جذر إسلامي ظاهر، ليس من الحكمة إنكاره أو تهميشه، هذه داعش والقاعدة من بنات السلفية، وذلك الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني وما يسمى بحزب الله من عيال الشيعة، وبإطلالة سريعة سنكتشف على الفور قاسميْن مشتركيْن: الإرهاب والإسلام. ومن الواضح أن الإرهاب السلفي متأثر بابن تيمية وبمحمد بن عبدالوهاب، ومن الأوضح أن الإرهاب الشيعي نابع مباشرة وصراحة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخادم لها.
لإنهاء التشابك بين الإرهاب وبين الإسلام نحن في حاجة إلى تفاعل ثلاثي دائم بين المملكة العربية السعودية المرجعية السياسية للسنة، وبين مؤسسة الأزهر المصرية (المرجعية الدينية للمسلمين) ومؤسسة آل البيت الأردنية لما تمثله من معان نبوية جامعة لكل الطوائف والمذاهب، والمنتظر قرارات حاسمة تترجم تعليميا وإعلاميا وسياسيا، أولا تصنيف السلفية كطائفة جديدة في الإسلام بجوار السنة والشيعة وغيرهما، ثم العمل على معالجة آثارها السلبية عقديا وفقهيا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا على المستويات العربية والإسلامية والغربية، ثانيا الاعتراف بالعلمانية كتعريف نهائي للدولة الحديثة وأن لا خيار أمام المسلمين سوى الإيمان بالدولة المدنية وبنائها والدفاع عنها، ولو كان الإسلام دين السياسة ماضيا فهو حاضرا ومستقبلا دين الفرد الخاص، ثالثا الاعتراف النهائي والكامل بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، رابعا إعلان الحرب على الإرهاب بكل مسبباته ومظاهره وطوائفه، فنتعامل مع التراث المسموم كما نتعامل مع الإرهابي المفخخ والدولة الباغية الجانية.
إن اقتحام لب الأزمة سيضعف تأثير العوامل المساعدة للتطرف، نعلم أن إسرائيل أضعفت هيبة الدول العربية، ونعلم أن إيران أججت السعار الطائفي إلى أقصاه، سيطرة الفشل التنموي على معظم دنيا العرب والمسلمين، وفوق ذلك لا توجد آليات أو أدوات تتيح التغيير أو تداول السلطة أو المشاركة فيها لامتصاص شحنات الغضب أو اليأس أو الحماسة إلى صندوق الاقتراع بدلا من الحزام الناسف، والكارثة الأكبر افتقار الثقافة العامة التي تجعل التغيير سلميا أو قابلا للاستمرار والتفاعل السلمي كما جرى في تونس الاستثناء، نعم كل ذلك من الأسباب والمحفزات لذهنية متوترة ومضطربة ومأزومة ولابد من وضعها في الحسبان.
أذكّر بقمة الملك عبدالله الإسلامية عام 2005 التي أوصت بالاعتراف بكل طوائف المسلمين ومذاهبهم، لم تهتم دول العرب والمسلمين، عمليا، بتلك التوصية حتى أصبحت غير كافية اليوم، لابد من الاعتراف بالجميع بما في ذلك حالة اللادين قبل الأديان السماوية أو غير السماوية، أي اعتراف نهائي وصريح بالآخر يضعنا معه على حد سواء، ومن دون ذلك سندور في حلقة مفرغة.
الحديث عن تداعيات 13 نوفمبر على الوضع السوري أو قوانين الهجرة الأوروبية محض تفصيل، لقد عاد الإسلام تحت المجهر، وسيتم تغييرنا شئنا أم أبينا، وهذه من الإيجابيات المريحة، لكننا نطالب أن يتم ذلك بأيدينا لضبط الوقت والجهد والأرواح والأموال قدر الممكن، أنظر إلى ضحايا التغيير في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا واليمن، إنه الصداع الذي حدثتكم عنه، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

كاتب سعودي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق