السبت، 31 أكتوبر 2015

              
محروق سلاّفي ما تتعاطى معي، عم فتش عالشنكاش
   
بحثٌ فِقهي في معنى:
"السِّلّاف" و"الشنكاش


بقلم أبو وسام
"السِّلّاف"..هذا المجهول الذي يبدو انهُ لم يُقَدَّرْ لهُ ابداً ان يكونَ في حالةٍ جيِّدة أو مُعافاة فلا يُؤتى على ذكرهِ إلّا ويكونُ "محروقاً" أو "مُلتَعِناً" ومن غيرِ الواردِ في ثقافتِنا أن يقولَ أحدُهُم مثلاً "مبسوط سِلّافي او انا سلّافي عال العال انت شو وضع سلّافك؟"
تقولُ المراجع انه اذا ما استحالَ علينا معرفة معنى واضح ومحدد لمصطلحٍ معيَّن علينا بالرجوع الى جذوره اللغوية او المصطلحات الأُخرى التي تدور في نفس الفلك الكتابي واللفظي علَّنا نصل الى نتيجة.


"السِّلاف" جذرُها اللُّغَوي الثُّلاثي هو "السَّلَف"!
يا عين! ما علاقة السَّلَف بالموضوع؟ أَتُرانا بلعنِ وحرقِ "السِّلاف" نلعن سَلَفَنا ونلومهم على الساعة التي جاءوا بنا فيها الى هذا العالم؟ أو لعلَّنا حين نقول "محروق سلّافي" نقصد انَّ حجمَ الحريقِ الهائل وصلتْ ألسنتُهُ الى "سَلَفِنا" الراقدين تحتَ التُّراب؟وبمنأى عن كل ذلك..هل "للسَّلَف الصالح" أية علاقة بالموضوع؟
دعونا نضع كل الاحتمالات وننتقل الى المصطلحات القريبة من "السِّلّاف"..لنبدأ مع "السِّلفة" او "الإستلاف" اي الدَّين..حسناً تبدو المُقاربة منطقية اذ انَّ المستَدين او المستَلِف محروق "سِلّافهُ" حكماً من ركض المُسَلِّف الدائم خلفه ومطالبتِه وإلحاحه لضرورة سَدادِ الدين..والمُسَلِّف ايضاً "ملتِعِن" سِلّافهُ حُكماً من شدّة الركض ومن كذبِ ومماطلةِ المُستَلِف..لعلَّ قضيةَ "السِّلّاف" بدأت هنا!
آخر المصطلحات المشابِهة التي تخطُرُ لي هي "السّالف"..ولا أقصد السابق هنا بل اقصد السالف الذي نعرفه جميعاً اي منطقة الشَّعر الذي يكون بجانبِ الأُذُن فوقَ الخد مباشرةً..وكلُّنا نعلم-خاصةً من ذاق الألم في صِغَره من ناظر المدرسة-انَّ الشدَّ أو "الشّمطَ" عن السالف عقوبة ساديّة تسبب ألماً لا يُطاق ومن غير الممكن ان يوصَف لمن لم يجرّبهُ..هذا الألم يحرق السِّلّاف" لا بل "ينيك إخت يلّي نفضه"..ولعلَّ احدَ الأطفالِ في "سالفِ" الأزمان ذاق مرارة شمطِ السّالف من أستاذِه وراح للبيت يشرح لأمِّه ما حدث لكنّه لم يلفظ الكلمة الصحيحة فاستخدم مصطلح "السِّلاف" بدلَ "السالف" وبدأت من هنا القضية التي تقضُّ مضجعي اليوم..
يبقى كلمة "سيلفي" اي الصورة الذاتية الدارجة هذة الايام لكن هذا المصطلح حديث وباللغةِ الإنكليزية فلا أعتقد ان له اية علاقة بالموضوع نظرًا لأقدمية مصطلح "السِّلّاف" وكونِهِ في صلب الثقافة العربية واللبنانية خصوصاً..
هل "للسِّلاف" اية علاقة بما تَقَدّم يا ترى؟او انهُ مصطلحٌ يتمتَّع باستقلالية تامّة ومعنى آخَر لا يعرفهُ أحد ولا يمت بِصِلة لأيٍّ من المُصطَلحات "السّالِف" ذِكرُها؟





وإذا كان لدينا بصيصُ أملٍ في أن نصلَ الى معنى واضح لمصطلَحَي "حَريش" و "سِلَّاف" المحروقين دوماً- طَوعاً أو دُعاءً - من خلالِ البحثِ في الأصولِ أو التشابه اللُّغوي، فإنه - أي البصيص المذكور أعلاه - سرعانَ ما سيتلاشى ويختفي إن حاولنا الحصولَ على فهمٍ محدَّدٍ علميٍّ لمصطلح "الشِّنكاش" المفهوم عُرفيًّا عبر التناقل..
تكمنُ الإستحالةُ أوّلاً في عدمِ وجودِ جذرٍ ثلاثيٍّ ذي معنى لكلمة "شِنكاش" في اللغة العربية وثانيًا في عدم وجود مصطلحاتٍ أُخرى مشابِهة كتابةً أو لفظاً سوى "الشَّنكليش" الذي أشتهيه الآن مع كأس عرق متَلَّت وكبّة نيّة لكنَّ هذا لا علاقةَ له بموضوعنا..إذاً معاجمُ اللُّغة هنا مهما بلغت "سَماكَتُها" لا تفيدُنا بشيء..
ولأزيدكم من الشِّعر بيتاً تأتينا استحالةٌ ثالثة كامنةٌ بحالةِ "الشِّنكاش" الدائمة..ضائع!

إنَّ أحداً حتى يومِنا هذا لم يجدْ "الشِّنكاش" فصاحبُنا دوماً محكومٌ عليه - برضاه او رُغماً عنه - بالضياع..فلا يأتي على ألسِنتِنا إلّا مسبوقًا بكلمات مثل "ضَيَّعَ" او "ضاعَ" او "ضايع"..والمصيبة انه حين يكون "الشنكاش" مفعولاً به اي ان احدهم أضاعه غالباً لا نتعرَّف الى الفاعل وفي احسن الاحوال ينكرُ الفاعل اية علاقة او معرفة سابقة لهُ بالشنكاش..اما الكارثة الكُبرى او لنقُل النائبة فتأتي حين يجد أحدُهُم "الشنكاشَ" فجأةً ولسببٍ ما مجهولٍ يقومُ بتغييرِه فنقول "غيَّر الشنكاش"!نحنُ محروقون لنجدَه علّنا نتعرفُ اليه وهذا الأبلَه يقوم "عالبارد المِستْريح" بتغييرِه!كيف لنا الآن ان نتعرّفَ الى هويّةِ "الشنكاش" وطويل العمر هذا قد غَيَّرَه؟حسناً..نقولُ حسناً صارَ من المستحيل ان نعرفَ "الشنكاش" كما كان في الأصل قبل التغيير لا بأس فلنكتفِ بمعرفةِ هويتِه الحالية بعد التغيير..نرضى بالهَم ولا يرضى الهمُّ بنا..نذهب لنقابلَ "الشنكاش" بحلّتِهِ الجديدة فنُصعَق إذ نجد صاحبَنا وقد "أضاعَ الشِّنكاش" مجدداً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق