الاثنين، 5 أكتوبر 2015

وقّعت كتابها الأول "إنتحار جنين" في معرض الكتاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حنين غنّام
شاعرة ثائرة تدعو نساء الشرق
إلى تحطيم أصنام العبودية!


الشاعرة حنين غنّام



بقلم جوزف قرداحي
أعترف، أنا لا أهوى قراءة الشعر، وإن أدمنت منذ مراهقتي على كتب نزار قباني وحفظتُ عشرات قصائد العشق منها عن ظهر قلب، وإن سكرتُ بأبيات أبي النوّاس في المرأة والخمر، وانتشيتُ من روائع وإعجاز شعراء العصر الجاهلي الأرقى من كل حداثة، وذبتُ بموشحات الأندلس المغنّاة بصوت فيروز وألحان الأخوين عاصي ومنصور الرحباني.
أصرّح باعترافي هذا، وأنا ممسك بين يدي بأخطر كتاب في الشعر الحديث صدر عن "دار المعارف/ ناشرون" تحت عنوان: "انتحار جنين"  للشاعرة حنين غنام.
أصرّح باعترافي هذا لسببين: السبب الأول، أنني ومنذ "الرسولة بشعرها الطويل" للراحل الكبير أنسي الحاج، لم يعد يحرضني أي شاعر حديث على قراءة كتبه وقصائده بهذه الحماسة إلا نادراً، ولأسماء محدودة جداً لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. أما السبب الثاني، هو أن حنين غنّام على طراوة تجربتها مع الشعر، استطاعت أن تتغلغل بشعرها إلى أعماقي منذ قصيدتها الأولى التي عنْوَنت بها الكتاب "إنتحار جنين" حتى آخر رمق من قصائدها المئة والسبعة عشر "نهايتي الفاخرة".
ليس في كتاب حنين غنّام ما يوحي أنه مجرد شعر حديث ونظم كلام سوريالي على ما هي عادة شعراء وشاعرات الحداثة لتغطية ركاكة اللغة في المبهم، بل في كتابها ما هو أبعد بكثير. في كتابها فلسفة تجمع اللاهوت بالتصوف، بالشبق العاطفي، بالوجدان، بالكفر، بالإيمان، بالحب، بالكراهية بالتمرد، تمرد الروح والجسد، بالخطيئة والتوبة:
(امارس الفجور، فالعفة
أمارس الحياة...
أتقمص المياه الباردة،
فالمثلجات.) - صفحة 46 –
قاسية حنين غنام في جلد ذاتها الشعرية، تمارس ساديتها على الكلمات كما يمارس العاشق التلذذ بتعذيب معشوقه:
(أتقمص الخشب والحديد والأحجار،
آكل من لحمي
أقص شراييني
أفرض عليَّ التعذيب
أضحك من فرط غريزتي.
أعشق غريزتي
أعشق الفطرة
أعشق التمدد على شهواتهم
واغتصاب معتقداتهم وتلقيحها)! - صفحة 47 -
إنها فلسفة الوجع الروحي والبوح الصارخ الذي لا يتردد في نزع كل أوراق التوت عن المحرّم والمقدّس:
(خاصرتي المثقوبة
كعلامة فارقة
باتت تثير الشبهات...
...
أريد ترميم معجزة مريم...
والحبل من ثقب خاصرتي...
أجل، سيتكاثر الحزن داخلي
وسينجب ألف عقدة وعقدة...
سأجعل من تلك العقد كوكباً
أسد به ثقبي الكبير..
ثم أنتحر...)  - ص 65 / 66 –
تذهب حنين بعيداً في بوحها الجريء وفي ثورتها على أصنام الدين المغلف بالرياء. تهدم بلا خوف أو تردد الهيكل على تجاره، لتعيد بناءه من بداية التكوين، منذ الخطيئة الأولى وغواية الشهوة الأولى، وكأنها تعيد انبعاث ليليث إلهة الشهوات المتمردة على طاعة آدم وعلى السجود لذكورته الإجتماعية. تستجمع ذاتها في أنا اللاإنتماء:
هو أنا،
هو ذلك الذكر المؤنث والإنثى المذكر
هو ذلك الغريب المار من هناك...
هو تلك الطاهرة في السرير
العاهرة في الصلاة
هو تفاحة حواء وشهوة آدم - صفحة 76 –
تتجلى ثورة حنين أكثر فأكثر، حين تتماهى في "حواء والأفعى" مع واقع المجتمع الذكوري الذي يفاضل الرجل على المرأة مهما تفوقت:
هي الحرة في رحم امرأة تشبهها...
هو المسجون الباحث عن الحرية.
هي الدمعة النازلة من عين رجل منتقم.
...
على كتفيها تقاليد موروثة،
ومبادئ صدئة لا مبرر لها سوى القهر.
هي حواء،
وهو التفاحة والأفعى والنزوة الأبدية،
فإن عاقبها الله، فلخضوعها لا أكثر! - ص84 / 85 –

ختاماً أعترف، حنين غنّام، شاعرة خطيرة، تمتلك قارئها لا بشعرها فحسب، بل بهذا المد الجارف من غضب وثورة كل نساء الشرق التواقات إلى الحياة! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق