السبت، 26 ديسمبر 2015

قارع الصنمية الدينية
وأعطى صولجانه للشعب!
                             



بقلم جوزيف عيساوي
قالوا لي بالأمس إنك دخلت غيبوبتك القسرية، فاستفقتَ فيَّ أكثر من ذي قبل. أنت من دعوتَ الى التخلي عن الطقوس والعبادات والانصراف الى عمل الخير. بعتَ الصولجان ووهبت الخاتم للمعوزين وتخليت عن أمجاد السلطة طارداً الساسة المتزحفطين على باب مطرانيتك للروم الكاثوليك في بيروت. من اين جئت بنيرانك لتثوير الصنمية الدينية في الشرق ووصْل كنائسه بمقررات المجمع الفاتيكاني الثاني التي داسوا وأهملوا؟ أيها المولود قرب قريتنا، في سوق الغرب، لوالدٍ انجيلي وأمّ كاثوليكية.
فهل انت مسيحيّ أم مسلم أم على كلتا الديانتين أم مجرّد مؤمن تنبع علمانيته من حداثة غربية وإيمان تغذّى بمتصوفةِ المسيحيين والمسلمين والبوذيين؟ في مجلتك «آفاق» (1974-1975) ألححتَ على النقد الجذريّ للدين، وانه ليس ضد الانجيل، بل ضروري للانسان لأنّ المطلق الأول هو الله والثاني هو الانسان. وأما التعبير عن الله، سواء انجيلاً أو قرآناً، فيجب وبإلحاح إعادة فهمه وتأويله. بل ذهبت ابعد حين سألتَ: هل الكنيسة أسسها المسيح حقاً؟ وهل افعالها تعبير عن مشيئته؟ وفي مقالة من مقالاتك التي أحالوك بسببها الى التحقيق في روما، دعوت الى تحرير المسيح من المسيحيين والكنيسة والمسيحية كعقيدة وكل ما كتبه اللاهوتيون عن يسوع أو ما يعتبرونه قيماً خاصة بالمسيحية وحدها.
برّأك الكرسيّ الرسوليّ من الهرطقة المزعومة في الوشاية التي أرسلها راهب يسوعيّ، لكنّ البطريرك حكيم والاكليروس، وحتى من خارج كنيستك، أصروا على ادانتك وإخراجك، فجُعلت مطراناً على مطرانية لم تعد موجودة في أضنة. وعندما عدت عام 2002 بعد احتجابٍ للحديث في اللاهوت، تنطّح أحدٌ من جمعية «اخوة الصليب» لصفعك أمام مبنى «تيلي- لوميار». وعلى اثره، طلب منك البطريرك لحام في بيانٍ صحافي أن تتوقف عن الكلام «صوناً للايمان المقدس»، فلم تأبه. رغم الحرب وعَقْدٍ من السلام، ما زال المسيحيون إذن غارقين في تحجرهم العقيديّ، واليوم ربما ازدادوا بسبب فظاعات الاصوليات الاسلامية من مختلف المذاهب.
التقيتك مراراً وقبل عامين، أقنعتك بصعوبةٍ بتصويرك لوثائقيّ حول حياتك. وحاججتك اكثر من ذي قبل. فهل كان النظام اللبناني والمسيحيون عشية الحرب الاهلية مهيئين لطروحاتك في التغيير الجذري؟ هل كان تضامنك مع فلسطينيّ أصيب برصاص الجيش اللبناني ليُفهم في سياقه المسيحي-الانساني أو السياسي- اليساري؟ كنتَ غريباً في طائفتك وسائر الطوائف المسيحية، اذ نقدتها من الداخل مطبّقاً الاصلاح على نفسك أولاً. وكتبت في «النهار» مقالاً ينتقد «الأصولية المسيحية التي تسعى (خلال الحرب) الى وطن قوميّ للمسيحيين». وكنتَ قد غادرت الشرقية الى عين الرمانة قرب عاليه.

براءتك ونقاء ثورتك لم يعفكَ أو يعفها من وطأة الاحتراب الداخلي والعربي والاجنبي في لبنان. انت من لم يكتفِ مع معلّمك، كما تصفه، الاب بولس الخوري والاب ميشال سبع وجيروم شاهين بتحريك الراكد لاهوتياً، وتأسيس العمل الاجتماعي متأثراً بالاب بيار الذي التقيته يوماً، واطلاق التيار المدني العلماني. فانبريت في عزّ الحرب الباردة بين الجبّارين وخلال مؤتمر للحوار في ليبيا بحضور ممثل عن الفاتيكان عام 1976 الى دعوة المسيحيين للاعتراف بمحمد بن عبد الله نبيّاً من الله، مشترطاً تخلي المسلمين عن القول بشرك المسيحيين أو النصارى، من أجل قيام حوار لاهوتي (عدتَ لتصفه لاحقاً بالفولكلوريّ داعياً الى حوار الحياة بين اتباعهما). ردّ عليك بقسوة فؤاد افرام البستاني في «الحوادث» ناعتاً اياك بـ»الحذاء المهترئ». وقال لاهوتيون إنك تطرح الحوار بين الدينَين على أساس ستر الخلافات بينهما والغاء اليهودية لتجعل من الانجيل مجرد تمهيد للقرآن، اذ ماذا يبقى من المسيحية لو قالت بنبيّ الاسلام، وكلُّ واحد من اديان التوحيد يتأسس على ما سبقه ليعود وينفيَه محتكراً الحقيقة لنفسه، مطلقاً عليها صفة الكمال.
ساجلتك في مقابلات تلفزيونية عدة وأمام الكاميرا السينمائية، فكنت تحردُ أحياناً ولكنك بقيت صلباً في التعبير عن فكرتك وطيباً ومتهكماً. وقلت إنك غير نادم على ما فعلت حتى عندما حُسبتَ على طرف في الحرب. وانه كان لا بد من الهزة داخل الطائفة وانك ضد العنف المسلح وضد القتل «حتى ولو طاول جندياً اسرائيلياً»، اذ تريد استرجاع الحق الفلسطينيّ بالسلم، والتفاوض، وعبر تشكيل رأي عام غربي ضاغط يحقق توازناً أو يغلب اللوبي الصهيوني هناك. وكم استغربتُ قولك لي إنّ على المسيحيين عدم الخوف من العيش في دولة إسلامية، انت من كانت وبقيتْ «العلمانية الشاملة والمحايدة ايجاباً تجاه الاديان» هاجسك وديدنك. بل انت من ايّد عدم ذكر المسيحية في مقدمة الدستور الأوروبي باعتبارها احد منطلقاته «لكي يدرك المسيحي الاوروبي أنّ مسؤولياته تدفعه للعيش مع المختلفين اياً كان دينهم وحتى إذا هم ملحدون او لاأدريون». فكيف ترى في المقابل أنّ «المسيحي المتنور لا يخشى العيش في دولة اسلامية، على اساس الآية ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وانه ليس من الضروري أن يشارك في النظام السياسي ليعيش مسيحيته بشكل جيد»، معطياً الجمهورية الاسلامية الايرانية مثلاً، ومضيفاً «أنّ كل دولة اسلامية تسيطر على الانسان هي ضد الاسلام لان في القرآن تعددية وعلى المسلمين قراءتها». وقلتَ أيضاً انك لا تخشى قيام جمهورية اسلامية في لبنان أو تغيير هويته وسيطرة أكثرية على أقلية لأنّ السنّة والشيعة لن يتفقا على طبيعة هذه الجمهورية». وهذا صحيح أيها المطران الحبيب، ولكن الا نرى كيف أنّ هذا اللااتفاق لم يصنع بدوره دولة بل أدى الى المزيد من التفتيت والانحلال.
لم يكن كل ما فعلتَه أو كتبته أو آمنتَ به مثالياً، ولو أنّ الثوار يشعرون دائماً انهم اقرب الى الطوبى، وهو سبب إضافيّ لمضيّهم كما لإبهارنا وجعلنا نصدّق. لم تتزحزح كنيستك قيد أنملة عن تقاليدها وتطنيشها على ما حولها من فقر وظلم، ولم يقترب نظامنا السياسي من حلمك بعلمنة شاملة قد تعدي المسلمين، فيتجاوزون المأزق الحضاري المريع. بل انك انت نفسك صرت تقول ويا للعجب بقدرة المسيحيين على العيش في دولة دينية اسلامية (ولمَ لا مسيحية؟). تفارقنا أيها الصديق وأنا لم انته من مساجلتك ومحاورتك ونقدك في الفيلم وخارجه. وإذ نذهب الأحد لتوديعك ومرافقتك الى مثواك بين مطارنة وبطاركة سبقوك، فسأحمل معي قطعة من حلوى المرصبان التي تحب والتي كنتُ ممن يحملونها اليك بدل الشوكولا. لن ارميَ الحلوى على ترابك مع الزهور أو اتناولها. بل سوف أتركها تحزّ على القلب.

*
شاعر وإعلامي لبناني


الاثنين، 7 ديسمبر 2015

قراءة نقدية لفيديو كليب "عودة الأسطورة"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمشي هويدا الهاشم في المشهد
فتخرج  الموسيقى من مشيتها!




بقلم د. ساميا السلّوم
"عودة أسطورة الرقص هويدا  الهاشم"، ليس مجرد فيديو كليب عابر يُدرج في قائمة الفيديوكليبات العادية أو الأكثر من عادية، إنه أقرب إلى فيلم قصير من نوع أفلام قصص ألف ليلة وليلة الخيالية، أو قصص "السندريللا" و"بلانش نيج" التي حفظناها صغاراً وعاشت في وجدان طفولتنا. إنه أقرب إلى لوحة فنية إبداعية، أو لنقل "اوبريت" خيالية مصورة بالأسلوب السينمائي، تتناغم فيها الأصوات والألوان وتنسجم كلّها، لتعلن فرحاً داخلياً وخارجياً بعودة من سمّي في الفيلم القصير "أسطورة الرقص الشرقي".


يبدأ الفيلم بمشهد العاصفة الرعدية خارج غرفة فتاتين مراهقتين تدردشان قبل النوم وتحلمان حلماً جميلاً لم تمنعه تلك العاصفة، بل دخلت فيه بطريقة السرد الشعري الجميل لتنقل العادي إلى الخارق، فيبدو عادياً ومنتظراً ليجسّد الحلم.

تحاول الفتاتان أن تقلّدا معاً "هويدا الهاشم" الأسطورة التي تحلمان بالتعرف عليها، تقلّدانها بطريقة تزيين الوجه وبالحركات الراقصة، وبجوّ من الانسجام غير التنافسي بينهما يطلّ الفرح من وجهيهما ومن كلمات الأغنية بصوت هادر كموج البحر هو صوت سوبر ستار العرب  إيلي بيطار، ومن الألوان التي تبدو وكأنها اتخذت أعمدة بعلبك ألة موسيقية، لتعزف مهرجان الضوء وتجسّدها رقصاً وتزغرد مع الأم فرحها في الأغنية (كلمات وألحان جورج الهاشم).


يتسلل الحلم إلى نوم الفتاتين الجميلتين، فنشاهد الأعمدة الأسطورية في إضاءة خلابة وكأنها فعلاً تستحضر ماضيها الجميل، وخصوصاً مع ظهور القمر من وراء جبال الثلج الشاهد الأبدي على تاريخ بعلبك، فيمشي القمر في كبد السماء صعوداً، ليأخذ مكانه في المشهد الساحر متفرجاً، وأخيلة تتناوب على سطحه بهدوء ترسم ملامحه المتجددة في سماء الحلم الصافية.
تتغير اللوحة بأركانها وألوانها على وقع الموسيقى، بحيث لا يمكنك أن تشيح نظرك عن اللوحة المتحركة. ويأتي فاصل بين مشهدين يعيد المُشاهد إلى الغرفة، حيث العاصفة في الخارج والحلم المتجدد في الداخل، ليضفي جمالية على إيقاع المشهد، ويدخل إلى المكان العادي شيء من الحلم، فنجد شرنقةً ملونة طفولية، تتناغم ألوانها مع الأعمدة العملاقة، ليخرج منها صبي صغير يبدو للوهلة الأولى كالسندباد الصغير الذي قرأناه في القصص المصورة، ولكن سرعان ما نكتشف أنه عازف الطبلة الذي يضفي على الحكاية جواً من العرض الضاحك على طريقة المسلسلات الأميركية (The Comedy Show)، ليبدأ مشهد آخر انطلاقاً من الغرفة العادية نحو الأعمدة الأسطورية. وتظهر في المشهد الفتاتان الفراشتان مجدداً في وصلة رقص تنسجم فيها موسيقى العازف الصغير (وهو للمناسبة موهبة لافتة) مع حركات الفتاتين، والموسيقى هنا أيضاً ترسم لوحتها من الطبيعة المكانية ومن الأشخاص في جمالية ظاهرة من الكلمات المنطوقة ومن كل عناصر المشهد الذي ينتهي إيقاعه في الغرفة ليعلن المشهد الثالث.


تتناغم بين شكل الستائر في العاصفة وشكل البرق الذي يمتزج بالموسيقى، ليعلن عودة البطلة المنتظرة أو الأسطورة هويدا الهاشم، في كلمات ثلاث "انطروني راجعة، بحبكن"، فتستفيق الفتاتان من رومانسية الحلم إلى دهشة  الواقع أكثر سعادة في انتظار تحقيق الحلم.
في المشهد الأخير الواقعي الخارج بإيقاعه مما سبق تطلّ البطلة هويدا الهاشم بلباسها الربيعي الموسيقي الذي يشبه زيّ فراشة ناضجة جميلة، تمشي وكأن الموسيقى تخرج من مشيتها لا من رقصتها، وهو أقصى ما يمكن تقديمه من إيقاع حضور تجسيد الموسيقى بطبيعية وعفوية فيغدو المشي نحو تجسيد عودتها، وسيلة فنية أخرى تتوج الحلم بالحقيقة، وتأتي الكلمات لنكتشف أن ما نراه في هذا العمل الفني الرائع، كان من تصوير وإخراج "جوزف قرداحي" حيث يقدم  أسطورة الرقص الشرقي "هويدا الهاشم" بقالب قصصي جديد بعيداً عن التقليد الذي تزدحم به فيديوكليباتنا المحلية.

رائع هذا العمل، وأسطوري هذا التقديم، وكان أنسي الحاج سباقاً في وصف الزميل جوزف قرداحي شاعر الكاميرا، وهو بحق شاعر الكاميرا المبدع على غير قياس.

http://www.youtube.com/watch?v=CwqQo-EiELw


السبت، 5 ديسمبر 2015

عائلة الجميّل اللبنانية متجذرة
في إيران منذ أجيال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

               د. فؤاد زمكحل

سندخل السوق الإيرانية بقوة!


د. زمكحل خلال مؤتمره الصحفي يحيط به اعضاء التجمع
عقد رئيس "تجمع رجال الأعمال اللبنانيين" الدكتور فؤاد زمكحل، مؤتمراً صحافياً  في نادي الصحافة ظهر أمس، عرض فيه نتائج الزيارة التي قام بها الى ايران مع وفد رجال الاعمال، وذلك ضمن خطة لاستكشاف الاسواق التجارية هناك وإمكانية التعاون المتبادل ما بين لبنان وإيران.

وأبدى زمكحل إعجابه بالبنية التحتية المتطورة لإيران وبالتنظيم ورؤية القطاع العام، وخصوصاً بديناميكية واستراتيجيات القطاع الخاص الإيراني. مشيراً الى اللقاءات مع المنظمات الحكومية والعامة لفهم القوانين والهيكليات والشروط للعمل والتعاون تجارياً مع إيران.
وقال زمكحل: "لقد عدنا منذ أيام قليلة من طهران، بعد رحلة استكشاف اقتصادية واستثمارية دامت ستة أيام (من 27 تشرين الثاني إلى 2 كانون الأول 2015). تضمّن هذا الوفد الاقتصادي الأول الى إيران أكثر من 30 شخصاً من جميع القطاعات: التجارية والصناعية والسياحة، والاتصالات، والتكنولوجيا، والتأمين، والتدريب، والاستشارات، والتوزيع، والتمويل، والعقارات، والمجال الطبي وشبه الطبي، من أجل القاء نظرة شاملة وعامة من خلال عدة زوايا على  هذه السوق المتنامية ذات الإمكانيات العالية.

واضاف: من اللحظة الأولى من وصولنا الى إيران ولغاية رحيلنا، تفاجأنا وسررنا بالترحيب الحار وبالاهتمام الخاص بنا والاندفاع بالتعاون معنا الذي أثبته لنا جميع الأشخاص الذين اجتمعنا بهم من كافة المستويات على الصعيد الخاص والعام.
ومنذ اليوم الأول في العاصمة الايرانية أعجبنا بالبنية التحتية المتطورة والتنظيم ورؤية القطاع العام، وخاصة بديناميكية واستراتيجيات القطاع الخاص الإيراني.

كرّسنا الأيام الأولى من زيارتنا الاستكشافية لزيارة المنظمات الحكومية والعامة لفهم القوانين والهيكليات والشروط  المتعلقة بالعمل والتعاون التجاري مع إيران. وبالتالي، اجتمعنا مع وزارة الاقتصاد والتجارة والصحة والصناعة وكذلك مع لجنة الاستثمار والخصخصة والمناطق الحرة.

في الأيام التالية قمنا باجتماعات مع القطاع الخاص: غرفة التجارة في طهران، والغرفة الإيرانية للتجارة حيث كان بانتظارنا أكثر من 185 رجل أعمال إيراني لعقد اجتماعات ثنائية، وأيضا مع عدة مجموعات رئيسية قابضة من القطاع الخاص الإيراني وكذلك مع القطاع المصرفي.

واشار زمكحل الى انه في الوقت نفسه نظّم كل عضو من أعضاء الوفد لقاءات خاصة وثنائية مع عدة أشخاص معنيين بمجاله وقطاعه الخاص.

ونوّه زمكحل بمبادرة السفير اللبناني فادي الحاج علي الذي أقام حفل عشاء تكريما للوفد في حضور الجالية اللبنانية في إيران والعديد من رجال الأعمال اللبنانيين القائمين في إيران.

ألى ذلك، أشار الدكتور زمكحل إلى أن غرفة التجارة الإيرانية أقامت مأدبة غداء على شرف الوفد في حضور عدد كبير من رجال الأعمال الإيرانيين. أما الأمر الملفت في الرحلة هو لقاء الوفد اللبناني بعائلة الجميّل الموجودة في إيران منذ عدة أجيالـ حيث حرصت على إقامة حفل عشاء تكريما لأبناء بلدهم  اللبنانيين في منزل العائلة في طهران.

وتابع زمكحل يقول: أعقاب عودتنا، يمكنني أن أؤكد لكم عن إعجابنا بالإجماع بهذه السوق الضخمة المؤلفة من 80 مليون نسمة، وبإمكانيات التطور الذي تتمتع به في جميع المجالات، وبالتالي قدرتها على النمو السريع.
 
وقال: كان واضحا تماما بالنسبة لنا أن السلطات والقطاع العام والخاص الإيراني متحمسون جدا لاستقبال وتشجيع رجال الأعمال والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، وخصوصا اللبنانيين. إذ لا تتمحور أهدافهم  فقط حول التركيز على الموارد الطبيعية (النفط والغاز والمعادن)، ولكن قبل كل شيء يركّزون أيضاً على الانفتاح على القطاع الخاص والخصخصة وبناء اقتصاد مختلط مع تطوير مؤسسات القطاع الخاص على المستوى المحلي والدولي. من ناحية أخرى، يهتم الايرانيون بشكل كبير بتسليط الضوء على موقع إيران الجغرافي وأهميتها للتجارة والتبادل التجاري الإقليمي، بغية لعب دور منصة اقتصادية اقليمية كبيرة، ومن هنا الأهمية الكبيرة المعطاة لخلق مناطق حرةمتعددة (على سبيل المثال كيرش ...) التي توفر العديد من الميزات الضرائبية وغيرها للمستثمرين الأجانب.

واضاف: قد أظهرت اجتماعاتنا مع القطاع الخاص أيضا مصلحة كبيرة في تطوير شراكات (مشروع مشترك) مع رجال الأعمال اللبنانيين ليس فقط في ايران ولكن لا سيما ضمن النمو الدولي. وقد تمّ تحديد ثمة علاقة رابح/ رابح  (Win/Win) بوضوح: ان رجال الأعمال اللبنانيين هم بحاجة الى الشركات الإيرانية للتطور وتأسيس شركات والاستثمار في هذه السوق الكبيرة المتنامية. من جهتهم يحتاج رجال الاعمال الإيرانيين الى نظرائهم اللبنانيين للتطور والنمو دوليا بمساعدة الجالية اللبنانية الكبيرة ذات النفوذ القوي والموزعة في جميع أنحاء العالم، فهم بحاجة إلى التطوير، واستخدام خبرتنا الإدارية العظيمة ، وكفاءات التسويق والإبداع والتصدير والتنمية والهيكلة والتنظيم لدينا.

وأمل زمكحل في أن يكون عام  2016 عاما حاسما، وأن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ وان يتوصل المعنيون الى تسوية مشاكلهم السياسية والدبلوماسية مما سيفسح المجال امامنا لاستكشاف هذه السوق الجديدة المثيرة جدا للاهتمام وللتطور والمثابرة فيها.

وختم: هذه الرحلة الأولى كانت ناجحة جدا على جميع المستويات. وسيتبعها العديد من الوفود ومن زيارات وفود أخرى أو زيارات على المستوى الفردي، حيث سيقوم كل رجل أعمال بمتابعة العلاقات المبنية عن كثب والاستفادة منها والبناء على البذرة الأولى التي تم زرعها.


الجمعة، 4 ديسمبر 2015

فارس كرم يتألق في أبو ظبي بحضور الشاب خالد!

فارس كرم والشاب خالد


أحيا النجم اللبناني فارس كرم حفلا فنيا ضخما  في إمارة أبو ظبي في ليلة رائعة التقى فيها جمهوره على هامش احتفالات الفورمولا وان Formula One وبحضور فعاليات سياسية واجتماعية إضافة الى محبي فارس من كافة الجنسيات العربية. تألّق فارس على المسرح وقدم باقة من أجمل أغنياته المعروفة مثل "عكازة"، "دادي"، "شارع الحمرا"، "التنورة"، "العاصمة" وغيرها من الأعمال الخاصة التي حولت  الحدث الفني إلى تجمع شبابي كبير طغى عليه جوّ الموسيقى والرقص. وجّه فارس شكر خص فيه كل القائمين على تنظيم المهرجان وعايد الامارات في يومها الوطني وعيد الاتحاد آملا في أن يبقى السلام  مخيّما عليها.





الحفل الذي حضره لفيف كبير من أهل الاعلام الخليجي امتد حتى منتصف الليل وأدىّ خلاله فارس أغنيته الجديدة "عالطيّب" ليتفاجأ بالتفاعل الجماهيري الكبير الذي حققته الأغنية والتصفيق الكثيف الذي نالته من قبل الجمهور الخليجي، ممّا يدلّ على نجومية فارس كرم العربية والمحبة الكبيرة التي يكنّها له أهل الخليج، إضافة الى قدرته على ايصال الأغنية اللبنانية الشعبية الى المنازل الخليجية  في خطوة فنية تحسب له.

مع المطربة أريام
كواليس حفل أبو ظبي جمعت بين فارس كرم والشاب خالد والفنانة أريام فدارت بينهم أحاديث وديّة، عبّر خلالها الشاب خالد عن إعجابه بفارس وبفنه، والتقطا سويا مجموعة من الصور. من وجه آخر، يستعد فارس لطرح أغنيته الجديدة بلا حب وبلا بطيخ خلال الفترة المقبلة، وهي العمل الأول الذي سيجمعه مع الموسيقار ملحم بركات من كلمات الشاعر طوني أبي كرم، على ان يتم طرح أغنية ما رح انساك الذي لحنها الموسيقار لكرم من كلمات الشاعر نزار فرنسيس مطلع العام المقبل.

أخيرا، يتقدم النجم فارس كرم بالتهنئة بحلول شهر الأعياد المجيدة، متمنيا أن يحمل معه كل الخير والسلام لكافة الشعوب العربية.

 اللقطات  بعدسة المصور إيلي شوفاني

الأربعاء، 25 نوفمبر 2015


قبلة البابا فرنسيس 
تشفي طفلة أميركية من ورم في الدماغ!


أبرزت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، وحتى العالمية، عن ضمور ورم في دماغ طفلة رضيعة تدعى جيانا بعد قبلة خاطفة من البابا فرنسيس، خلال زيارته الأخيرة إلى مدينة فيلادلفيا بالولايات المتحدة.
 
وقال موقع سي إن إن: “كانت جيانا تعاني من ورم نادر في دماغها غير قابل للعلاج، إذ هاجمت خلايا دمها جذع الدماغ لديها بعد أسابيع على ولادتها. ولا يمكن إجراء عملية جراحية لها”، وقد “قصدت العائلة موكب البابا آملين ربما بنظرة سريعة”. وتابع “بفضل أحد الأصدقاء في الـFBI، حمل حارس البابا، واسمه دومينيكو جياني، ليقبلها البابا على رأسها قبلة عفوية”.
 
ويقول جوي وكريستين ماسيانتونيو، والدا الطفلة، “سميت جيانا على اسم القديسة جيانا، وهي قديسة إيطالية حديثة العهد ماتت عام 1962، وقد التقت ابنة القديسة جيانا الطفلة جيانا في زيارة إلى مدينة فيلادلفيا خلال نهاية الأسبوع”. ويضيفان أن “دومينيك هو اسم شقيق جيانا الأكبر. وأن تشابه الأسماء ليس إلا إشارة للتدخل الإلهي”.
 
ويتابع الموقع تقريره: “والدا جيانا يصرنا على أن مستقبلها سيكون مشرقاً، وينتظران بفارغ الصبر يوماً يخبرانها فيه أي فرق يمكن أن تحدثه قبلة”. يقول جوي ماسيانتونيو، والد الطفلة: “منذ عام كنا نفكر بأن نعيش لأجلها، واليوم نحن نفكر بأن نعيش معها”. وختم قائلاً “أعتقد أن كل ذلك من الله، فالبابا هو مجرد رسول من الله”.

الاثنين، 23 نوفمبر 2015

المقدَّس والمدنَّس
ومحنة العقل في الثقافة العربية!


بقلم جوزف قرداحي
في مقدمة كتاب “المقدّس والمدنّس” لمؤرخ الأديان الروماني ميرسيا ألياد، يقول الباحث السوري عبد الهادي عباس: “يدلنا التاريخ القديم أن العرب كغيرهم من الشعوب، بل ربما أكثر من غيرهم، قد أدخلوا صفة القداسة على كثير من الأشياء ونزعوها عن الكثير. ويُذكر في هذا الصدد أن عمر بن الخطاب، قطع الشجرة التي حصلت تحتها “بيعة الرضوان”، مخافة أن يعبدها العرب”.
لعلّ العرب على مرّ تاريخهم وعصورهم، إستطاعوا أن يواكبوا التطوّر ويستخدموا كل إبتكاراته الحديثة في أسلوب حياتهم اليومية، بإستثناء التطوّر في ثقافتهم الدينية، التي توقّف بها الزمن منذ الوحي القرآني الذي نزل على النبي الكريم قبل 1400 سنة.
عرفت أوروبا المسيحية عصراً مشابهاً للعصر الذي نعيشه في الوقت الحالي، حين مارست الكنيسة في القرون الوسطى كل وسائل الترهيب، ضد كل من تعتبرهم مهرطقين وخارجين عن طاعتها، فكانت تكفّر كل من كان يتجرّأ على مخالفة قوانينها وعقائدها، متهمةّ من يتسلّح بالبراهين العلمية لدحض الكثير من معتقداتها المبنية على الأساطير الدينية بمخالفة الكتاب المقدّس والتجديف على العزة الإلهية. ولعل أشهر تلك القصص الحمقاء التي إرتكبتها الكنيسة أيام محاكم التفتيش، هي تكفير العالم غاليليو غاليلي الذي برهن بأن الأرض كروية الشكل وتسبح في الفضاء حول الشمس، فحكم عليه أساقفة الكنيسة المتشددين بالموت، ما لم يُقدِّم إعتذاره ويطلب الصفح والغفران.
بلغ عدد ضحايا “محاكم التفتيش” الذين أعدموا حرقاً أو قُطعت رؤوسهم أو أطرافهم تحت المقصلة، ما يزيد على الخمسة ملايين شخص، معظمهم صدرت الأحكام بحقهم لمجرد الوشاية. فكان يُعامَل “الهرطوقي” مثل الأبرص الذي يجب إبعاده من “الجسم السليم من المؤمنين بالحرمان الكنسي”، ثم النفي أو مصادرة ممتلكاته.
يبدو أن التاريخ يعيد نفسه الآن وإن بأشكال مختلفة، فالتكفيريون الذين كانوا يلجأون إلى “الكتاب المقدّس” لتحقيق “العدالة الإلهية”، باتوا اليوم يستخدمون “القرآن الكريم”. وإشارة الصليب التي كانت تُرسم فوق جثث الضحايا، فقد إستبدلها التكفيريون الجدد براية “لا إله إلا الله”. المقدّس نفسه يُستخدم في المدنّس، فيصبح المدنّس محمياً بهالة من القداسة، لا يمكن المساس به أو رشقه بأي إتهام أو حتى الإحتجاج ضده. فيتعطَّل العقل لتتأجج الغرائز الدينية المدافعة بشراسة عن المدنَّس الملتبس بالآيات والنصوص القرآنية.
الخطير في الإلتباس ما بين المقدَّس والمدنَّس وتمازجهما حتى التماهي، هو حين تصبح المراجع الرسمية والدينية والقضائية أسيرة هذا الوباء الخبيث المختبىء بالمقدَّس. فتتعامى تلك المؤسسات عن الجريمة المتخفية بالرايات المقدسة، لتجلد الضحية إذا ما عبَّرت عن وجعها، تماماً كما حصل مع المعترضين على جرائم “داعش” في منطقة الأشرفية (بيروت)، الذين أحرقوا الراية السوداء التي رُفعت فوق أعناق الجنود اللبنانيين وهم يُذبَحون. ليتحوَّل هؤلاء إلى هراطقة وكفّار يدنسون الراية المغمَّسة بدماء الأبرياء، وقضية دينية تستفز المشاعر وتُحرّك النيابة العامة للإقتصاص من المتطاولين على “العزة الإلهية”!
في الوصف الدقيق لهذا النوع من تقديس العنف الديني هو ما أطلق عليه الفيلسوف الألماني رودولف أوتو وصف “عاطفة الرعب تجاه المقدّس، وتجاه هذا الغامض المخيف، وتجاه هذه العظمة التي تنشر سيادة سلطة ساحقة من القوة”، الأمر الذي يجعل كل ما هو إلهي حالة متفرّدة لا تشبه أي شيء أرضي أو حتى كوني. فالإلهي فوق الكون والزمن والطبيعة، وكل ما يمثله من شعائر وكتابات حتى لو بنيت على باطل لا يمكن المساس به، تحت أي ذريعة كانت.
من هنا ندرك قوة التطرف الديني، وقدرته على التنامي حتى ما بين الأوساط المعتدلة نسبياً، وما ردود الفعل على قتل رسامي الكاريكاتور الفرنسيين الشهر الفائت، ومن مسيحيين معتدلين بالذات تبارك هذا الإعتداء، وتمنح القتلة صك البراءة، إلا دليل قاطع على تقاطع المقدَّس بالمدنّس، ليصبح كل مساس بالرموز الدينية ولو من باب النقد العلمي، عرضة لهدر الدم. ولا ننسى طبعاً الفتوى التي أصدرها الإمام الراحل الخميني بهدر دم سلمان رشدي عقاباً على كتابه (آيات شيطانية)، ومن بعده الفتوى التي أصدرتها المحكمة الشرعية الجعفرية برئاسة القاضي الشيخ عبدالله نعمة ضد المفكر اللبناني مصطفى جحا والتي إعتبرته فيها كافراً ومرتداً، بسبب كتابه “محنة العقل في الإسلام” والذي انتقد فيه بطريقة فلسفية بعض الممارسات الخاطئة في تطبيق الشريعة.
إن شريحة كبيرة من العلمانيين في المجتمع العربي ليست محررة تماماً من التصرّفات الدينية، والثيولوجيات والميثولوجيات. إنها غارقة حتى النخاع بركام من السحر الديني ولكن الهابط إلى درجة الكاريكاتور. فالضجة الأخيرة التي أثيرت حول صورة “جهاد النكاح” التي نشرها المخرج اللبناني شربل خليل، والتي حرّكت دار الفتوى والنيابة العامة والصحافة والمجتمع المدني في لبنان، خير دليل على أن المقدّس في ثقافتنا العربية ما زال مرهوناً في فرج المرأة بكل أشكاله وحالاته. فهو وحده القادر أن يحرّك حواس أولياء الدين الغيارى على الرايات المقدّسة مهما سُفكت عليها دماء الأبرياء.

فعلاً، عالمنا العربي يعيش محنة عقل وإفلاس حقيقي في الدين!

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

إنقاذ الإسلام:
مهمة الملك سلمان
الملك سلمان... الدور الأصعب!
بقلم أحمد عدنان
يوم 13 نوفمبر 2015 هو عنوان العصر الذي ولجناه بعد حقبة 11 سبتمبر، وحين نتذكر تداعيات ما جرى في سبتمبر 2001 محركين عجلة الخيال لاستنباط ما قد يجلبه لنا عصر نوفمبر، بلا شك سنشعر بالصداع.
لم تكن تداعيات سبتمبر سيئة كلها، إذ احتفظت لنفسها بفضل إدخال العرب والمسلمين إلى أسئلة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتخلصنا من نظام طالبان، عرفنا لاحقا أن ذلك مؤقت، كرمز للاستبداد الديني، ثم تخلصنا من نظام صدام حسين كرمز للاستبداد الزمني، وبدأت أنظمة المنطقة إثر ذلك في التحلل من أوجه الشبه مع الأنظمة البائدة، مصر حولت الاستفتاء الرئاسي إلى انتخابات وصحافتها تجاوزت كل الخطوط الحمر، تحرر لبنان من الوصاية السورية بعد استشهاد الرئيس الحريري، السعودية اعترفت بالمرأة عبر بطاقة الهوية ثم فعّلت الانتخابات البلدية وسعى الملك عبدالله، منذ كان وليا للعهد، لتحقيق مشروع الإصلاح حتى غادرنا إلى جوار ربه.
كانت تداعيات سبتمبر تحمل داخلها عوامل ردتها، فالدخول الأميركي للعراق لم يجر بالسلاسة اللازمة، وجدت الولايات المتحدة نفسها في حاجة إلى حلفائها التقليديين في المنطقة، تحديدا مصر والسعودية، وعليه عاد حلم التغيير إلى المنام من اليقظة، ثم جرت مياه كثيرة، التمدد الإيراني في العالم العربي، ثم ربيع العرب، صعود الإخوان وسقوطهم، مضاعفات أزمة فلسطين المزمنة، والأعراض الجانبية لكل ما سبق، المأساة السورية وداعش وأخواتها.

ما شهدته باريس يوم 13 نوفمبر غير منطقي مطلقا، هو صدى حالة اللامنطق الطاغية على دنيا العرب والمسلمين، كأنّ أزمات الإسلام، بمظاهره الغربية قبل العربية، ولعنات العرب انفجرت بلا مبرر في أقرب عاصمة لهم، بدت أجهزة الأمن الفرنسية كمتصدية لغزو لا لعمليات إرهاب. في مثل هكذا لحظات يسخر القدر رجاله لتبني المهمات الجسام، أو لابد أن يكون الرجال العظام على أهبة الاستعداد للقيام بواجبات اللحظة التاريخية، وهنا نحسن الظن بالملك سلمان عاهل السعوديين والعرب.
مهما تحدثنا عن براءة الإسلام من الإرهاب، إلا أن إرهاب اليوم له جذر إسلامي ظاهر، ليس من الحكمة إنكاره أو تهميشه، هذه داعش والقاعدة من بنات السلفية، وذلك الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني وما يسمى بحزب الله من عيال الشيعة، وبإطلالة سريعة سنكتشف على الفور قاسميْن مشتركيْن: الإرهاب والإسلام. ومن الواضح أن الإرهاب السلفي متأثر بابن تيمية وبمحمد بن عبدالوهاب، ومن الأوضح أن الإرهاب الشيعي نابع مباشرة وصراحة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخادم لها.
لإنهاء التشابك بين الإرهاب وبين الإسلام نحن في حاجة إلى تفاعل ثلاثي دائم بين المملكة العربية السعودية المرجعية السياسية للسنة، وبين مؤسسة الأزهر المصرية (المرجعية الدينية للمسلمين) ومؤسسة آل البيت الأردنية لما تمثله من معان نبوية جامعة لكل الطوائف والمذاهب، والمنتظر قرارات حاسمة تترجم تعليميا وإعلاميا وسياسيا، أولا تصنيف السلفية كطائفة جديدة في الإسلام بجوار السنة والشيعة وغيرهما، ثم العمل على معالجة آثارها السلبية عقديا وفقهيا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا على المستويات العربية والإسلامية والغربية، ثانيا الاعتراف بالعلمانية كتعريف نهائي للدولة الحديثة وأن لا خيار أمام المسلمين سوى الإيمان بالدولة المدنية وبنائها والدفاع عنها، ولو كان الإسلام دين السياسة ماضيا فهو حاضرا ومستقبلا دين الفرد الخاص، ثالثا الاعتراف النهائي والكامل بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، رابعا إعلان الحرب على الإرهاب بكل مسبباته ومظاهره وطوائفه، فنتعامل مع التراث المسموم كما نتعامل مع الإرهابي المفخخ والدولة الباغية الجانية.
إن اقتحام لب الأزمة سيضعف تأثير العوامل المساعدة للتطرف، نعلم أن إسرائيل أضعفت هيبة الدول العربية، ونعلم أن إيران أججت السعار الطائفي إلى أقصاه، سيطرة الفشل التنموي على معظم دنيا العرب والمسلمين، وفوق ذلك لا توجد آليات أو أدوات تتيح التغيير أو تداول السلطة أو المشاركة فيها لامتصاص شحنات الغضب أو اليأس أو الحماسة إلى صندوق الاقتراع بدلا من الحزام الناسف، والكارثة الأكبر افتقار الثقافة العامة التي تجعل التغيير سلميا أو قابلا للاستمرار والتفاعل السلمي كما جرى في تونس الاستثناء، نعم كل ذلك من الأسباب والمحفزات لذهنية متوترة ومضطربة ومأزومة ولابد من وضعها في الحسبان.
أذكّر بقمة الملك عبدالله الإسلامية عام 2005 التي أوصت بالاعتراف بكل طوائف المسلمين ومذاهبهم، لم تهتم دول العرب والمسلمين، عمليا، بتلك التوصية حتى أصبحت غير كافية اليوم، لابد من الاعتراف بالجميع بما في ذلك حالة اللادين قبل الأديان السماوية أو غير السماوية، أي اعتراف نهائي وصريح بالآخر يضعنا معه على حد سواء، ومن دون ذلك سندور في حلقة مفرغة.
الحديث عن تداعيات 13 نوفمبر على الوضع السوري أو قوانين الهجرة الأوروبية محض تفصيل، لقد عاد الإسلام تحت المجهر، وسيتم تغييرنا شئنا أم أبينا، وهذه من الإيجابيات المريحة، لكننا نطالب أن يتم ذلك بأيدينا لضبط الوقت والجهد والأرواح والأموال قدر الممكن، أنظر إلى ضحايا التغيير في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا واليمن، إنه الصداع الذي حدثتكم عنه، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

كاتب سعودي

الجمعة، 13 نوفمبر 2015

الحروب الدينية
من كربلاء حتى داعش


يصر الاسلاميون على ان تكون الشريعة هي مصدر القوانين، وهذا يعني أنها ستكون مستمدة من النصوص الإسلامية المقدسة: أي الوحي مباشرة من عند الله إلى النبي محمد، والتي تتمثل في القرآن الكريم وفي أحاديث النبي.
بينما يقول العلمانيون بأن القوانين يجب أن تستمد من العقل البشري والتجارب الإنسانية، وليس من الإسلام (أو ليس من الإسلام وحده كما يقول العلمانيون المعتدلون).

لقد دخلت العلمانية الي الشرق الأوسط مع الاستعمار الأوروبي، وقد تبنتها العديد من النخب الإسلامية بعد الاستقلال على وجه التحديد لأن الدول الأوروبية القوية تمكنت من هزيمة وإذلال الإمبراطورية العثمانية، والتي كان ينظر إليها بشكل عام على أنها الخلافة الإسلامية، أو النظام السياسي الإسلامي السائد.

ولكن العلمانية واجهت أصوات معارضة: وهوالإسلام السياسي. وبالرغم من أن الإسلاميين لا يقدمون فكرهم على أنه مذهب بل ببساطة على أنه الإسلام – أو الدين الحقيقي الذي جاء به النبي محمد – إلا أن نظامهم الديني لديه جذور أكثر حداثة. ففي الربع الثاني من القرن العشرين، نشأت قناعة لدى الجماعات الأولى من الإسلاميين بأنه من الصعب العيش كمسلم ملتزم في ظل نظام علماني، ولذلك بدأوا في تنظيم حركات المقاومة.

وفي عقد الخمسينيات من القرن العشرين، أصبح الإسلاميون أكثر راديكالية، وبدأوا بالدعوة للعودة إلى تطبيق الشريعة بواسطة الدولة. وظلت العلمانية تتمتع باليد العليا حتى عقد الستينيات من ذلك القرن، ولكن كانت هناك محطات مهمة في عقود لاحقة –تمثلت في هزيمة مصر العلمانية على يد إسرائيل في عام 1967، ثم اندلعت الثورة الإسلامية عام 1979 في إيران، وحرب الخليج 1990-1991، فتحول الزخم ورجحت لصالح الإسلام السياسي.

إذن، هناك من يرى أن الإسلام السياسي قد انتصر بالفعل. بالرغم من أن المسلمين في الوقت الراهن ليسوا علمانيين فقط ولا إسلاميين فقط، ومع ذلك فالمسلم العادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يميل إلى الإسلام السياسي.

فقد أظهر استطلاع للرأي أعده مركز بيو للأبحاث في عام 2013، أن أغلبية كبيرة في مصر والعراق والأردن، والمغرب، والأراضي الفلسطينية ترغب في رؤية الشريعة كقانون للدولة. كما كشف استطلاع أجرته مؤسسة غالوب في عام 2012، أنه في خمسة بلدان في المنطقة وهي مصر وليبيا وسوريا وتونس واليمن، كانت النساء مثل الرجال يؤيدن تطبيق الشريعة. وبالرغم من الانقسامات الداخلية العميقة التي لا تزال قائمة داخل معسكر الإسلاميين على سبيل المثال حول دور الدين في الحياة العامة ودور رجال الدين في الحكومة، إلاّ أن الحكام العلمانيين الآن يحتضنون عناصر من أنصار الإسلام السياسي.

وبالرغم من هذه النجاحات، إلاّ أن الإسلام السياسي لا يزال يواجه شكوكا حول قدرته على البقاء والمراقبين الخارجيين رفضوا الإسلام السياسي على أنه فكرة لا تواكب الحداثة.

وفي الآونة الأخيرة، أكد الخبراء أن تصاعد العنف في الشرق الأوسط، بما في ذلك العمليات الإرهابية الانتحارية وقطع الرؤوس التي تمارسها الجماعات الجهادية مثل تنظيم داعش، هو علامة على وجود حركة يائسة في مراحلها الأخيرة.
إذا كان هناك ثمة درس يمكن أن يقدمه تاريخ الفتن الأيديولوجية في أوروبا نفسها لمنطقة الشرق الأوسط، فهو باختصار: لا تتخلوا عن الإسلام السياسي. فالحروب الدينية في أوروبا تبين لماذا يعتبر الاستخفاف بالأيديولوجية التي عفا عليها الزمن على ما يبدو، أمرا خطيراً للغاية.
في العديد من المحطات والمراحل خلال تلك الحروب، كان المنطق يملي بوضع حد للأعمال العدائية، حيث أن عبء التنافس بين الكاثوليك والبروتستانت كان يقع على السكان المحليين وعلى الاقتصادات. وفي عدة منعطفات تاريخية، بما في ذلك في عام 1555، عندما وافقت بعض الإمارات الألمانية البارزة على تقرير مصيرها من الناحية الدينية، ثم في عقد التسعينيات من نفس القرن عندما انتهت الحروب الدينية في فرنسا، وحصلت الجمهورية الهولندية البروتستانتية على استقلالها من اسبانيا الكاثوليكية، بدا أن الأزمة قد مرت. كما بدا أن الأمراء والنبلاء، ومجالس المدن، ورعاياهم قد استقروا على السلام العملي. حيث سادت العقلانية السياسية البراغماتية، وتزايدت الآمال في أوروبا جديدة تسعى فيها الدول إلى تحقيق المصالح المادية، وليس المطامح المذهبية.



لكن أوروبا لم تتخلص من العنف الأيديولوجي، لأن أزمة الشرعية التي أدت إلى ذلك العنف ظلت قائمة دون حل. وقد بقي معظم الأوروبيين يعتقدون بأن الاستقرار السياسي الدائم يتطلب حالة من التوحد أو التشابه الديني. وطالما بقوا على ذلك الاعتقاد، يمكن لأدنى شرارة أن تعيد استقطابهم إلى مجموعات معارضة متطرفة، وهو ما حدث بالضبط عندما دفع التمرد البروتستانتي في ” بوهيميا “أوروبا إلى حرب الثلاثين عاما في عام 1618م. حتى ذلك الوقت، لم يكن الأوروبيين قد فصلوا مسائل الدين عن الأمور السياسة، وبنهاية القرن، فقدت تلك العقائد الدينية قوتها التحريضية.

لقد حدث نوع مختلف من الترويج الإيديولوجي المكشوف في حقبة زمنية حديثة، خلال الصراع العالمي بين الليبرالية والشيوعية في القرن العشرين. ففي عقد الثلاثينيات من القرن العشرين، كانت المتاعب التي تسبب فيها الكساد العظيم في تلك الفترة أقنعت العديد من المفكرين الغربيين البارزين بأن الديمقراطية الليبرالية فكرة فات أوانها. وقد بدا لفترة من الوقت، أن الدول المركزية ذات القوانين والأنظمة القسرية كانت مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة، مما دفع بعض المفكرين لاعتناق الشيوعية. بل هناك عدد قليل أيضاً قام بزيارة ​​الاتحاد السوفياتي وعبر علانية عن إعجابه، حيث أن الصناعة لم تتوقف في عهد جوزيف ستالين، وكان التصنيع يسير على قدم وساق ولم يدخل العمال في الإضراب. هذه المشاعر كتبها الصحفي الأمريكي لينكولن ستيفنز: "لقد كنت في رحلة إلى المستقبل، إنها فكرة ناجحة." لكن في نهاية المطاف، انتعشت الديمقراطية الليبرالية وكسبت الرهان.

ليس المقصود هنا أن الإسلام السياسي سينجح بالضرورة في الشرق الأوسط، إلا أن الأذكياء يمكنهم التقليل من جدوى أنظمة سياسية بديلة، وأحيانا بنتائج خطيرة. إن من أسرار بقاء الإسلام السياسي لهذه المدة الطويلة هو أن الآخرين درجوا بإستمرار على التقليل من قدره. ويظهر التاريخ أيضا أن عمر العقيدة أو المذهب الفكري يمكن أن يطول عندما يكون في كنف دولة راعية، كما حدث مع الديمقراطية الليبرالية في ثلاثينيات القرن العشرين وكما هو الحال مع الإسلام السياسي اليوم، وهو أبعد من أن يكون في طريقه للخروج، بل إنه يتأهب لجولة ثانية.

باسم الإله؟
الإسلام السياسي، مثل العديد من الأيديولوجيات المتنافسة القديمة، ليست متجانسة. وبالرغم من أن الإسلاميين يتفقون بشكل عام في إخلاصهم للشريعة، ألا أن مشاربهم مختلفة: فهم بين السنة والشيعة، والمتطرفين والمعتدلين، والقوميين والأمميين، بل حتى "الامبرياليين".

وقد أدى هذا التباين إلى إثارة نقاش في الغرب حول ما اذا كان ينبغي على الولايات المتحدة وحلفاؤها أن يستوعبوا المعتدلين، وهي النسخة البراغماتية من الإسلام السياسي بحيث تتنافس مع الحركات الأكثر تطرفاً. فالذين يرفضون احتواء الولايات المتحدة وحلفائها لأي من فصائل الإسلام السياسي يتصورون الإسلام السياسي حركة واحدة، توحدها الكراهية للغرب. وأما الذين يؤيدون الاحتواء، يرون أن الإسلام السياسي جماعات متفرقة من الداخل.

هذا النقاش ليس بجديد، ومعارضي هذا الفكر كثيرا ما يحاولون استغلال الانقسامات الأيديولوجية لترجيح كفة الصراع لصالحهم. فعبر التاريخ الغربي، ظلت القوى الخارجية تحاول من وقت لآخر استخدام تكتيكات مثل "فرق واحتل"، بالرغم من أنها خرجت بنتائج مختلطة، وفي بعض الأحيان، كانت نتائجها عكسية. تأخذ منحى الحروب الدينية مرة أخرى. فهذا الصراع الطويل أدى إلى حدوث انشقاقات في الأيديولوجيات المهيمنة في أوروبا، وبعض الإيديولوجيات الناتجة صمدت لتتنافس مع النسخ الأصلية. فالبروتستانتية بدأت لوثرية في البداية ولكن سرعان ما تطور مذهب (Zwinglianism ) في سويسرا و (Anabaptism ) في ألمانيا، قبل أن تنتشر نسخة الكالفينية في فرنسا والأنجليكانية في انجلترا.

الكالفينيون واللوثريون كانوا يتنافسون في الغالب على النفوذ وربما كانوا أشد عداوة لبعضهم البعض من أي مجموعات كاثوليكية أخرى. وسلالة هابسبورغ الكاثوليكية التي حكمت الإمبراطورية الرومانية المقدسة عملت بلا كلل من أجل تعميق وتغذية هذه الانقسامات. لكن في نهاية المطاف، فشلت هذه الاستراتيجية ولم تنجح لا في إضعاف الكالفينيين ولا في منعهم من تشكيل جبهة موحدة مع اللوثريين في حرب الثلاثين عاما.

والخدعة التي تعرض لها الغرباء، كانت في تأكيد ما إذا كان بعض المنظرين يميلون لمحاربة التطرف ومعرفة كيفية زراعته. وكان من الممكن القيام بذلك بنجاح.



الصراعات الأيديولوجية في كثير من الأحيان تعمل على تعميق الانقسامات الاجتماعية لدرجة أن الناس أصبحت أكثر ولاء للأجانب الذين يؤمنون بنفس مبادئهم بدلاً من بني جلدتهم الذين لا يؤمنون بهذه المبادئ. وهذه الاشتباكات تسهم بتهيئة الشعوب والدول إما للصداقة أو العداوة مع الجهات الخارجية الفاعلة، وخصوصا مع الجهات القوية بما يكفي كي تمكنها لترجيح الكفة لصالحهم أو لصالح خصومهم. كما أن الجهات الأجنبية من جانبها، ترى في هذه الأزمات فرص لتكوين صداقات جديدة أو لمنع ظهور أعداء جدد.
النزاع الدائر حالياً بين الإسلام السياسي والعلمانية، سينتهي في يوم من الأيام كما انتهي غيره من المنافسات الفكرية الطويلة الأخرى. والقوى التي تتدخل في النزاعات من الخارج لا تحتاج لأن يكون لديها أية رهانات دينية في النزاع؛ أحيانا الرهان المادي وحده يشكل دافعاً كافياً للتدخل.


وفي أحيان أخرى، الحسابات الأيديولوجية والمادية تتضافر معاً فتدفع تلك القوى إلى التدخل. على سبيل المثال، خلال ثورات الربيع العربي في عام 2011، أرسلت المملكة العربية السعودية التي يهيمن عليها السنة قوات عسكرية الى البحرين للمساعدة في وقف التمرد الشيعي، وبالتالي احتواء تمدد الإسلام الشيعي من تلك الناحية، وتحجيم قوة إيران التي يهيمن عليها الشيعة من ناحية أخرى. ثم بعد فترة قصيرة، تدخلت إيران في سوريا لدعم نظام الأسد ضد المتمردين السنة الذين من المرجح أن يجعلوا من سوريا موالية للمملكة العربية السعودية إذا ما انتصروا. ومثل هذه التطورات أدت إلى مخاوف من أن منطقة الشرق الأوسط ستشهد ظهور دويلات متهورة ذات منطلقات إيديولوجية عازمة على تدمير النظام الإقليمي. وبعض المراقبين يشعرون بالقلق، بأنه إذا حصلت إيران على أسلحة نووية، قد تستخدمها لزعزعة التوازن الهش في الشرق الأوسط بل حتى قد تقود إلى نهاية العالم.