الاثنين، 7 ديسمبر 2015

قراءة نقدية لفيديو كليب "عودة الأسطورة"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمشي هويدا الهاشم في المشهد
فتخرج  الموسيقى من مشيتها!




بقلم د. ساميا السلّوم
"عودة أسطورة الرقص هويدا  الهاشم"، ليس مجرد فيديو كليب عابر يُدرج في قائمة الفيديوكليبات العادية أو الأكثر من عادية، إنه أقرب إلى فيلم قصير من نوع أفلام قصص ألف ليلة وليلة الخيالية، أو قصص "السندريللا" و"بلانش نيج" التي حفظناها صغاراً وعاشت في وجدان طفولتنا. إنه أقرب إلى لوحة فنية إبداعية، أو لنقل "اوبريت" خيالية مصورة بالأسلوب السينمائي، تتناغم فيها الأصوات والألوان وتنسجم كلّها، لتعلن فرحاً داخلياً وخارجياً بعودة من سمّي في الفيلم القصير "أسطورة الرقص الشرقي".


يبدأ الفيلم بمشهد العاصفة الرعدية خارج غرفة فتاتين مراهقتين تدردشان قبل النوم وتحلمان حلماً جميلاً لم تمنعه تلك العاصفة، بل دخلت فيه بطريقة السرد الشعري الجميل لتنقل العادي إلى الخارق، فيبدو عادياً ومنتظراً ليجسّد الحلم.

تحاول الفتاتان أن تقلّدا معاً "هويدا الهاشم" الأسطورة التي تحلمان بالتعرف عليها، تقلّدانها بطريقة تزيين الوجه وبالحركات الراقصة، وبجوّ من الانسجام غير التنافسي بينهما يطلّ الفرح من وجهيهما ومن كلمات الأغنية بصوت هادر كموج البحر هو صوت سوبر ستار العرب  إيلي بيطار، ومن الألوان التي تبدو وكأنها اتخذت أعمدة بعلبك ألة موسيقية، لتعزف مهرجان الضوء وتجسّدها رقصاً وتزغرد مع الأم فرحها في الأغنية (كلمات وألحان جورج الهاشم).


يتسلل الحلم إلى نوم الفتاتين الجميلتين، فنشاهد الأعمدة الأسطورية في إضاءة خلابة وكأنها فعلاً تستحضر ماضيها الجميل، وخصوصاً مع ظهور القمر من وراء جبال الثلج الشاهد الأبدي على تاريخ بعلبك، فيمشي القمر في كبد السماء صعوداً، ليأخذ مكانه في المشهد الساحر متفرجاً، وأخيلة تتناوب على سطحه بهدوء ترسم ملامحه المتجددة في سماء الحلم الصافية.
تتغير اللوحة بأركانها وألوانها على وقع الموسيقى، بحيث لا يمكنك أن تشيح نظرك عن اللوحة المتحركة. ويأتي فاصل بين مشهدين يعيد المُشاهد إلى الغرفة، حيث العاصفة في الخارج والحلم المتجدد في الداخل، ليضفي جمالية على إيقاع المشهد، ويدخل إلى المكان العادي شيء من الحلم، فنجد شرنقةً ملونة طفولية، تتناغم ألوانها مع الأعمدة العملاقة، ليخرج منها صبي صغير يبدو للوهلة الأولى كالسندباد الصغير الذي قرأناه في القصص المصورة، ولكن سرعان ما نكتشف أنه عازف الطبلة الذي يضفي على الحكاية جواً من العرض الضاحك على طريقة المسلسلات الأميركية (The Comedy Show)، ليبدأ مشهد آخر انطلاقاً من الغرفة العادية نحو الأعمدة الأسطورية. وتظهر في المشهد الفتاتان الفراشتان مجدداً في وصلة رقص تنسجم فيها موسيقى العازف الصغير (وهو للمناسبة موهبة لافتة) مع حركات الفتاتين، والموسيقى هنا أيضاً ترسم لوحتها من الطبيعة المكانية ومن الأشخاص في جمالية ظاهرة من الكلمات المنطوقة ومن كل عناصر المشهد الذي ينتهي إيقاعه في الغرفة ليعلن المشهد الثالث.


تتناغم بين شكل الستائر في العاصفة وشكل البرق الذي يمتزج بالموسيقى، ليعلن عودة البطلة المنتظرة أو الأسطورة هويدا الهاشم، في كلمات ثلاث "انطروني راجعة، بحبكن"، فتستفيق الفتاتان من رومانسية الحلم إلى دهشة  الواقع أكثر سعادة في انتظار تحقيق الحلم.
في المشهد الأخير الواقعي الخارج بإيقاعه مما سبق تطلّ البطلة هويدا الهاشم بلباسها الربيعي الموسيقي الذي يشبه زيّ فراشة ناضجة جميلة، تمشي وكأن الموسيقى تخرج من مشيتها لا من رقصتها، وهو أقصى ما يمكن تقديمه من إيقاع حضور تجسيد الموسيقى بطبيعية وعفوية فيغدو المشي نحو تجسيد عودتها، وسيلة فنية أخرى تتوج الحلم بالحقيقة، وتأتي الكلمات لنكتشف أن ما نراه في هذا العمل الفني الرائع، كان من تصوير وإخراج "جوزف قرداحي" حيث يقدم  أسطورة الرقص الشرقي "هويدا الهاشم" بقالب قصصي جديد بعيداً عن التقليد الذي تزدحم به فيديوكليباتنا المحلية.

رائع هذا العمل، وأسطوري هذا التقديم، وكان أنسي الحاج سباقاً في وصف الزميل جوزف قرداحي شاعر الكاميرا، وهو بحق شاعر الكاميرا المبدع على غير قياس.

http://www.youtube.com/watch?v=CwqQo-EiELw


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق