الاثنين، 30 مايو 2016

زيارة شيخ الأزهر للفاتيكان
لم توقف تطرف المسلمين ضد المسيحيين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيحة قرية الكرم





بقلم أُلفت التنير

مر خبر لقاء شيخ الأزهر أحمد الطيّب الاثنين 23 الشهر الجاري ببابا الفاتيكان فرنسيس، كأنما هو حدث الساعة "التاريخي" بالنسبة إلى فرقة "حسب الله" الإعلامية المصرية للتطبيل والتزمير. الاجتماع الذي لم يتعد نصف الساعة وتم خلاله التطرق إلى "السلام في العالم ونبذ العنف والإرهاب ووضع المسيحيين في إطار النزاعات والتوترات في الشرق الأوسط"، لم يحجب أبداً حقيقة المعاناة التي يعاني منها مسيحيو الشرق وأقباط مصر من تمييز وتهجير وخطف ومصادرة أرزاق وإحراق ممتلكات سواء من قبل داعش في سوريا والعراق، أو من قبل غوغاء الإسلاميين في مصر، الوجه الآخر لداعش بنسخته المصرية، في عهد"عزيز مصر" عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن أن أحد أهم أهدافه محاربة داعش والتكفيريين الذين يدورون في فلكه.
وواقع الأمر، أنه لم يكد يجف حبر البيان "الودي" الذي صدر عن اجتماع البابا وشيخ الأزهر، حتى دوّت في الأسماع فضيحة قرية "الكرم" مركز أبوقرقاص جنوب المنيا في صعيد مصر، حين هاجمت مجموعات هائجة من مسلمي القرية يقدر عددهم بنحو 300 همجي، بضعة بيوت للأقباط في القرية نفسها، اقتحموها، سلبوها، وأضرموا فيها النيران بعد طرد أصحابها، ولم يكتفوا بذلك، بل عمدوا إلى الاعتداء على عجوز قبطية في السبعين من عمرها تدعى سعاد ثابت، سحلوها في الشارع بعد تجريدها من كل ملابسها في أعنف عملية هتك حرمات يندى لها جبين الإنسان في كل مكان، بحق أمٍ عجوز مسالمة مثلها مثل كل أمهات مصر. لم تنفع توسلات سعاد ثابت لهؤلاء الرعاع بالستر عليها، كان في آذانهم وقر، وفي قلوبهم حقد يعمي البصر والبصيرة.
وفي خلفية هذه الحادثة التي هزت مصر ولا أشك في أن تردداتها وصلت إلى الفاتيكان، سريان شائعة عن علاقة بين زوجة مسلمة لأحد أبناء القرية مع شاب قبطي هو ابن السيدة ثابت. الزوجة المتهمة نفت أمام وسائل الإعلام نفياً قاطعاً وجود علاقة مع الشاب القبطي، وإبدت استعدادها للخضوع لأي فحوصات تثبت أنها سيدة شريفة ولم ترتكب ما يمس شرف عائلتها. وردت سبب ما حصل إلى خلافات مزمنة مع عائلة زوجها مبينة أنه أشاع عنها ما أشاع لأنه أراد تطليقها من دون أن يدفع لها مؤخر صداقها. وقامت بتحرير محضر في المخفر متهمة زوجها بالتشهير بها وبسمعتها.
مع الإشارة إلى أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها من حيث الاعتداء على الأقباط بالجملة لأي سبب من الأسباب، ولا يمكن عزلها عن سياق أجواء شحن مزمن وعميق للكراهية والعداء للآخر تشيعه الجماعات التكفيرية والإخوانية برعاية المناهج الأزهرية، ولا ينفع في هذا المجال ذر الرماد في العيون بلقاءات حوار الأديان وتصريحات براءة الإسلام من ممارسات العنف المنفلت من عقاله، بل تشكل في ذاتها صفعة لصدقية الأزهر وشيخه الطيب جداً. مثلما تعري دور المؤسسات الرسمية والإدارات المحلية التي تغض الطرف عن هذه الممارسات في عملية تواطؤ فاضح تشكل الوجه الآخر للعملة القذرة. وكان بالغ الدلالة ما أوردته العجوز القبطية من أنها أبلغت قبل ليلة الحادثة مخفر الأمن في المحلة وحررت محضراً بشكوى من تهديدات تلقتها عائلتها وطلبت حماية المخفر إلا أنهم لم يلقوا بالاً لشكواها التي كررتها بإلحاح صبيحة اليوم التالي وأهملها مسؤولو المخفر مثل سابقتها. واللافت أن الأمن لم يتدخل إلا بعد ساعتين من الهجوم الذي بدأ في الثامنة من مساء اليوم نفسه على منازل الأقباط وحرقها والاعتداء بالضرب على العجوز وتعريتها في الشارع من دون وازع من ضمير، في سابقة تشير الى انحطاط خطير في القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية تتحمل مسؤوليته السلطات الرسمية والدينية معاً من قمة الهرم إلى أسفل سافله.
هذه الواقعة لم تعر فقط جسد سيدة مصرية أصيلة سبق أن أدلت بصوتها لصالح السيسي في الانتخابات الأخيرة أملا منها بأن يحمي كيان الأقباط من خطر المتشددين بحسب ما صرحت لوسائل الإعلام، هذه الواقعة عرّت المسؤولين أنفسهم من كل اوراق التوت البالية التي يخبىء النظام المزدوج المستبد عوراته خلفها، وتهيل التراب فوق آمال ملايين المصريين والمصريات الذين انتفضوا في ثورة 25 يناير 2011 مطالبين بدولة المواطَنة والعدالة والمساواة والحرية المقتولة بألف شكل وعلى أكثر من يد. وبدا لافتاً في هذا المجال، تداول كثر من الناشطين هاشتاغ "مصر اتعرّت" على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق