الأحد، 7 فبراير 2016

ثورة
الأيام السبعة!


بقلم ستيفاني السخن 
الثورة هي توافق جماهيري عام لأفراد الوطن الواحد، يجتمعون سوياً في ساحةٍ، يهتفون و يثورون على واقع أنهكهم بغية الوصول إلى مطالب مدروسة أو الإعتراض على شؤون حياتيّة تهدّد أمنهم و استقرارهم .

في الحياة اليوميّة،  يثور الإنسان بطبيعته على  ظلم عائلته، تمادي  جيرانه، فساد  طاقمه المدرسيّ، و إهمال أرباب عمَله أي كلّ مرّة يشعر فيها بضيق أحواله و باغتصابٍ لحقوقه المشروعة و حرّياته المقدّسة .
هذه الثورة الذاتية تتفشى لتشمل جماعة أكبر خصوصاً إذا بدأ الخطر يَمتد ليمسّ الأمن العام،  عندها تقوم ثورة شعبية هدفها المحاسبة و الملاحقة .
أمّا إذا تصفحنا معاً و تمعنا في تاريخ الثورات التي شهدها العالم كالثورة الصناعية مثلاً، لوجدنا أن أسباباً عديدة و متفاوتة أثارت بموجبها موجة من السخط و الغضب الشعبي .
جميع هذه الثورات  و الإنتفاضات تشتعل و لا تنطفئ الّا  عندما تصل إلى مبتغاها و تحقّق  كلّ أهدافها دُون حاجة إلى التنازل عن أيّ حقّ من حقوقها و مطالبها. غير أنّ الثورات والتحركات الشبابية التي نشاهدها اليوم عبر شاشات التلفاز و التي لا تحصىى ، تختلف اختلافاً جذرياً عن مفهومها الحقيقي المتداول إذ أنّ امتداد إطارها الزمنيّ لم يعد يتخطى الأسبوع  الواحد، عدا عن أن هنالك ثورات خرجت عن مسارها ؛
ثورة تحولت من سلمية الى حرب أهلية، ثورة انطلقت بعزم ثم فقدت وهجها و تناست دوافعها، ثورة ارتشى أصحابها و كُتمتْ أبواقها الى الابد، ثورة  فكّكتها ليونة أركانها وحدّة اختلافاتهم الباطنية،  ثورة ارتكزت على حقائق وأوهام كاذبة سعياً للشهرة،   ثورة نفذ صبرها فاستسلمت وعادت أدراجها مكسورة الخاطر، ثورة  تحلّلت نتيجة مكائد نصبها دجّالو السلطة.
ولكن و على الرغم من اختلاف مظاهرها تبقى الضحية واحدة، مواطن مظلوم تاه حقّه في طريقه الى الخلاص، والخاسر الأوّل هو كلّ ثائر حالم استيقظ على آمال التغيير و نام على كوابيس "التعتير". والأمر المؤسف حقاً هو  إدراك المُنتهكين مدى ركاكة ثوراتنا التي أضحت بلا أهمية و التي بالتالي ارتدّتْ شؤماً على أصحابها، محرزةً خيبات لا تحصى تفوق إنجازاتها فبدلاً من توجيهها الى محاسبة المسؤولين، توجهت  إلى محاسبة ذويها فدفعوا ثمنها نفقاتٍ غالية؛
كإقفال المراكز السياحية القائم عليها إقتصادنا الهشّ وتعطيل الحياة الاجتماعية، إلحاق الأضرار بممتلكات المواطنين العزّل الخاصة، زجّ نخبة من الأبرياء والقاصرين في السجون  وأحياناً استشهاد أحد أهمّ رموزها وهدر الدماء في سبيل  قضية ظمأى تتوق إلى الحريّة .

و أخيراً و في ظلّ الانسياب و التفلت الاجتماعي-السياسي،  يتوجب علينا أن نطرح هذه الأسئلة على أنفسنا؛
كيف تُؤخذْ "شبه الثورات" هذه على محمل الجدّ إذا كنّا لا نداوم على ملاحقتها؟ كيف نفرض هيبةً على أركان وسط سياسي مستهتر إذا كان طول نفسنا الثوريّ لا يتعدى السبعة أيام ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق