الخميس، 8 مايو 2014

رأي

إملأ الفراغ
بالرّئيس المناسب!

بقلم ليال باسيل
وكما يقال " لكل عرس قرص" فلكلّ استحقاقٍ رئاسي في لبنان "قرصه" الخاص . وفي كلّ مرّة تعاد الكرّة، وعند انتهاء السّنوات الستّ من عهد الرّئاسة يلوح شبح الفراغ في الأفق .              
ففي الثّامن من أيار العام 1976 انتخب الرّئيس الياس سركيس خلفًا للرّئيس سليمان فرنجيّة, ستّة أشهر قبل تسلّمه السلطة خوفًا من عدم التوصّل إلى اتّفاقٍ لإنتخاب رئيس للجمهوريّة خلال الفترة الدّستوريّة . وفي العام 1988، وقبل نهاية عهده بخمس عشرة دقيقة، أصدر الرّئيس أمين الجميّل مرسومًا يقضي بتعيين العماد ميشال عون، قائد الجيش آنذاك، رئيساً لحكومة انتقالية من أعضاء المجلس العسكري وذلك لأنّ مجلس النواب عجز عن اختيار الخلف المناسب للرئيس الجميل.
 وبعد 409 أيام من الفراغ الرّئاسي، وفي الخامس عشر من تشرين الثاني العام 1989، انتخب الرّئيس الشّهيد رينه معوّض رئيسًا للجمهوريّة. ولكنّه ما لبث أن استشهد بعد سبعة عشر يومًا، لينتخب الرئيس الياس الهراوي خلفًا له. وفي نهاية عهد الهراوي عاد شبح الفراغ ليلقي ظلاله، فكان الحل عبر التمديد للرئيس الهراوي ثلاث سنوات.
وأعيدت الكرّة خلال عهد الرئيس العماد إميل لحود، الذي غادر قصر بعبدا في الرّابع والعشرين من تشرين الثاني العام  2007 من دون تسليم السّلطة، فنواب الأمة عجزوا مرّة أخرى عن اختيار الرّئيس المناسب.
وهكذا خيّم الفراغ حتى الخامس والعشرين من أيّار 2008، بداية عهد الرّئيس العماد ميشال سليمان. ذلك العهد الذي شهد في عامه الأخير تمديد مجلس النواب لولايته خلافًا للدستور، واستقالة حكومة الرّئيس نجيب ميقاتي.

وها نحن اليوم، نشهد استحقاقًا رئاسيًّا جديدًا، وأزمة حكمٍ جديدة. إذ لم يفلح مجلس النوّاب في اختيار رئيسٍ جديد. والسبب يكتب تحت عنوان لعبة السفارات، إذ أنّ القرار لم يعد لبنانيًّا.
وكيف يكون القرار حرًّا ولا يخضع لأيٍّ من تلك الضغوطات والصفقات الدولية، والإسم المطروح ثماني وأربعين مرّة في صندوق الإقتراع غير مؤهّل من حيث الشروط القانونيّة لتبوّء سدّة الرّئاسة. فمن حيث المادة 49 من الدّستور الّلبناني "لايجوز انتخاب أحدًا لرئاسة الجمهوريّة ما لم يكن حائزاً الشروط التي تؤهّله للنّيابة. وتلك الشّروط تنص على أن يكون المرشّح لبنانيًّا أتمّ الخامسة والعشرين من عمره، والأهم أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنيّة والسّياسية .
حقاً، بلد العجائب أنت يا لبنان! وهل من أعجوبة سياسية تنقذك ومن فيك؟ ففي حال استمرّ الوضع على ما هو عليه فالنّتيجة واحدة: شغور المنصب الرّئاسي إلى حين التوافق على اسم الرّئيس.
   ولكن قسمًا من الّلبنانيَين لا يعي خطورة هذا الفراغ الرّئاسي أو أنه يتناسى مقولة "تنذكر وما تنعاد" . فلبنان اليوم بحاجة أكثر من أي يومٍ مضى، إلى رئيس قويّ سيّد قراره ولا ينصاع إلى الرّغبات والأوامر الخارجية بل يعمل لمصلحة وطنه فقط. لبنان بحاجة إلى رئيسٍ يجمع ولا يفرّق، إلى رجل دولة لا يغريه سوى اخضرار الأرز، فلا يُحني عنقَه لا دولار ولا ريال . نحن نصبو إلى راعٍ صالحٍ لا يركع سوى لربّه.
 لذلك، على نواب الأمة أن يختاروا بمسؤولية وبعيدًا عن المصالح الشّخصيّة؛ وإلاّ كانوا كديكٍ يعيّن الثّعلب حارسًا لخمّه وأمينًا على بني أمّه . ويصمون آذانهم فلا يسمعون صوت الوطن الذي يطلب لأبنائه الغفران لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون.

أما الضّمير فالضّمير ثمّ الضّمير والضّمير وحده يملأ الفراغ بالرّئيس المناسب.

هناك تعليق واحد: