الخميس، 20 أكتوبر 2016

برنامج "نقشت"
يتخطى الأحمر بالخط العريض



بقلم ستيفاني السخن
منذ أكثر من شهرين, لا أذكر بالتحديد, تلقيت أنا وصديقاتي في كلية الاعلام دعوة للمشاركة في برنامج تلفزيوني جديد ما زال قيد التنفيذ.  وقد طلب منا مشاهدة النسخة الأميركية على موقع "يوتيوب" للاطلاع على نهج البرنامج, علماً أنه عُرض في أكثر من دولة في العالم.
خلال المشاهدات الأولية, بدا لي البرنامج خفيف الظل وممتعاً للغاية, الأمر الذي دفعني الى مشاهدة جميع حلقاته المتوفرة. يتمحور البرنامج على استضافة 30 حسناء من الحسناوات الأميركيات يقمن بعرض أنفسهن بطريقة جريئة على رجل أحلام تطوّع لانقاذهن.
لا أنكر أنّ في البرنامج بعض الفتيات المحافظات أما فالأخريات ففاحشات في الشكل والمضمون الى حدّ التمادي بترداد الايحاءات الجنسية وصولاً الى التمهيد بعلاقات حميمية مستقبلية اذا أصاب النصيب شهوة الحبيب.
وأنا أتابع البرنامج بالنسخة الأجنبية, بدأت أسئلة كثيرة تجوب في رأسي. هل سيتم اقتباس كامل لفحوى البرنامج أم اعادة هيكلته وفقاً لتقاليد مجتمعنا المحافظة؟ هل تتخطى محطة  الـ"ال بي سي" المحظور وتفاجئ مشاهديها ببرنامج فاحش أم تحافظ على ايقاع أعمالها الناجحة في اطار أخلاقي وراق؟ في جميع الاحتمالات, رفضت المجازفة وامتنعت عن المشاركة في برنامج هدفه تحقير المرأة اللبنانية بشكل عام من باب الترفيه والتسلية.
ومع انطلاق الحلقات الأولى من البرنامج, تساقطت التساؤلات كلّها أمام سذاجة المقدم وميوعة الفتيات,على رأسهن صاحبة القطة التي أضافت على القبح قبحاً وعلى العهر عهراً. فتيات يعرضن أجسادهن الفارغة, مقدم هواة يستنفذ كلّ طاقاته لحياكة دعابة تافهة ذات أبعاد جنسية وجمهور مُسيّر يصفق بحرارة وابتهاج لسيدة المسرح, السذاجة. مع الأسف, لم تكتف الـ"ال بي سي" باستنساخ حرفي للبرنامج بل تخطته ايحاءاً واسترسلت في كسرها للمحظور, ومما يبدو أنها مستمرة.
ومن هنا نرثي زمن الاعلام الراقي ونقول بخجل... بئس زمن باتت فيه المرأة دمية تجارية يتبادلها تجار الاعلام اللبناني. دمية استثمرها البعض في جمل ايحائية وجنسية, يسهل على ابن ال5 سنوات تفكيكها وفهمها. بئس زمن لم تعد فيه القيم والمبادئ الطيبة مصدراً يُروّج لها عبر شاشاتنا وأمام الأجيال الجديدة الصاعدة.
ونتساءل عن سبب النظرة الاحتقارية التي رسمها البعض عن المرأة اللبنانية لا بل نشعر بالاهانة والامتعاض في كلّ مرّة تتعرض احداهنّ الى سهام من الاهانات اللاذعة من زاوية المجتمع العربي الضيق, في حين أنّنا لا نوفر مناسبة في تحقيرها واظهارها على هذا الشكل الذي لا يمثلها.

 وكأنّ ايحاءات واغراءات  رولا يموت" وغيرها من بالة الوسط الفني لا تكفينا. استعراضات جسدية فاحشة يغضّ المجتمع اللبناني النظر عنها باعتبارهن فتيات ساذجات يتقن الى لذة الشهرة لا أكثر ولكن أنتم من جاءنا وبكامل وعيكم وحسن ادراككم للمعايير المهنية والأخلاقية وشاركتم في المجزرة الاباحية التي تُرتكب بحقّ نساء وفتيات لبنان, وأصبحتم جزءا لا بل مصدراً لهذه الصورة المغايرة.

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016


يا زعماء لبنان "جنو ونطو"!


بقلم ستيفاني السخن
"جنو نطو", أغنية راقصة دخلت الوسط الفني المنحدر من بابه العريض دون الحاجة الى أي جهود تسويقية تروج لها.

هذه الأغنية حققت انتشاراً سريعاً وواسعاً على كافة الأراضي اللبنانية وبالتالي أصبحت الجزء الأحبّ على قلب كلّ مواطن لبناني خلال مناسباته الاجتماعية كافة.
من المستحيل اليوم اقامة أمسية أو مائدة أو مناسبة دون التطرّق اليها ولو لدقائق معدودة. متى بدأت تحوّل الجمع الى آلة راقصة واحدة, الكلّ "يجنّ" والكلّ "ينطّ" كما تفرض عليهم كلماتها البسيطة. متى بدأت, تشابك الجميع بالأيادي, العجوز مع الشاب, المتفاخر مع المتواضع, الفقير مع الغني, القواتي مع العوني, الشيعي مع السني واللاجىء مع المغترب...  متى بدأت لا مكان للنعارات أو حتى الانشقاقات التي لطالما أعاقت الوحدة الوطنية.

والجدير بالذكر, أنها قد تكون الأغنية الوحيدة التي شملت ارضاء الذوق اللبناني المتشعب طبقياً وسياسياً ومذهبياً, بغض النظر عن مدى بساطتها وانسيابية لحنها الحماسي.
كما أنها تختلف كلّ الاختلاف عن سائر الأغنيات الشعبية المتداولة التي لطالما اتّسمت ب"التسييس" والتحريض, حيث يبدأ المدعوون رسم شعاراتهم السياسية على أياديهم في وجه منافسيهم, مطلقين بالتالي شرارة "الحزازيات الطائفية" التي قد تسبب أحياناً في تحويل بعض الافراح الى أحزان.

وفي ظلّ الشغور الرئاسي اللامتناهي وسوء معالجة الملفات العالقة وتفاقم الشحن السياسي بين الفرقاء وتأثيره على الوضع العام للمواطنين , أتت هذه الظاهرة الفنية الجديدة لتعيد شمل ما فرّقته السياسة على الأرض, لا سيّما خلال أمسيات صيف ال 2016 الحارّة وموائد الآحاد الودية وغيرها من المناسبات الاجتماعية الشعبية.

وانطلاقاَ من تأثيرها الايجابي ونجاحها المستمرّ, أتوجه الى القيّمين على الحياة السياسية في لبنان ولا سيّما على طاولة الحوار للاستعانة بهذه الأغنية لعلّها تضفي جواّ من التناغم والألفة بين أقطابها  وتلين الحقد المتوارث في ما بينهم وتكون آخر الحلول التعجيزية لانهاء النزاع السياسي القائم في لبنان منذ القدم.
فلم لا نختتم ما نسميه بطاولة الحوار أو جلسات مجلس النواب والوزراء بميدلي صغير ل "جنو نطو"؟ لم لا تكون هذه الأخيرة البادرة في توحيدهم كما فعلت بجميع اللبنانيين الذين سئموا الرقص على رنين النزاعات وهدير الفتنة وباتوا لا يقبلون الا "بجنو نطو" نشيدا للسلام وشعاراَ لوحدتهم الوطنية المرجوة!