السبت، 10 يناير 2015

سينما


وثائقي أشعل حرباً بين النباتيين وعشاق البرغر ستيك في أميركا!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"أبناء الأرض Earthling"
فيلم يجعلك تشعر أنك تأكل
لحمك الحي بيديك!

ملصق الفيلم الذي جمع أبناء الأرض: الإنسان، الحيوان والنبات!


بقلم جوزف قرداحي
كيف تستطيع أن تدافع عن الحيوان وتدعو إلى الرفق به باسم القيم الأخلاقية، وأنت تعيش في شرق عربي ما زال الإنسان فيه يُذبح بإسم الدين وقيَمِهِ، وتُنتهك على أيدي سكانه الأعراض، وتُغتَصب النساء وتباع في سوق الرق والنخاسة، ويُعامل الشرفاء عبيداً على أيدي اللصوص؟!
كيف تستطيع أن تدمع على مشهد تعذيب وحشي لحيوان أليف على أيدي إنسان متوحش وغير أليف، في وقت تضج وسائل الإعلام بصور تعذيب جماعية ومشاهد قطع أيدٍ وأعناق بشرية، باسم شريعة الدين؟!
هل نحن فعلاً "أبناء الأرض"؟! وإذا كنا نحن فعلاً أبناء هذه الأرض التي تجمع كل كائناتها الحية من بشر وحيوان ونبات، كيف بإمكاننا ممارسة كل هذا العنف ضد "إخوتنا في الأرض"؟!


المخرج شون مونسون مع فريق عمله

هكذا بدأ الكاتب والمخرج الأميركي شون مونسون تساؤلاته في فيلمه الوثائقي "أبناء الأرض – Earthling" والذي يُعرض حالياً في صالات السينما بنجاح منقطع النظير، بعدما تجاهله الموزعون منذ إنتاج الجزء الأول منه في العام 2005. وقد اكتمل الجزء الثاني من الفيلم منتصف العام المنصرم، ويعرض في خلال مئة وثمان دقائق قصة الأرض التي توارثها ثلاثة أنواع من الكائنات الحية: 1- الإنسان 2- الحيوان 3- النبات، وهي تشكل سينفونية الحياة المتكاملة لو التزم الإنسان المتقدم على جميع الكائنات قوانين الطبيعة العادلة من أجل الحفاظ على توازنها، وسلامة بيئتها وحماية سكانها من الأوبئة والأمراض والتي قد تؤدي بقسم كبير منهم إلى الإنقراض!
"أبناء الأرض – Earthling" على الرغم من رسالته المسالمة، إلا أنه واجه موجة قاسية من إنتقادات أصحاب متاجر اللحوم الكبرى المعنية مباشرة بهذا الوثائقي، متهمة منتجي ومروجي وداعمي هذا الفيلم بأنهم حفنة من المتآمرين على نجاحات تلك الأسماء الكبيرة والشهيرة في عالم اللحوم التي بنت مجدها بجهد وكفاح لتصل بهذه الصناعة إلى أعلى مستوى من الجودة والإنتاج، وما الحملات الأخيرة على سلسلة مطاعم ماكدونالدز وكنتاكي وغيرها من الماركات العالمية المعروفة والتي تتهمها بأنها تطعم زبائنها لحوما بشرية أو لحوما ممزوجة بأمعاء الماشية وعظام الدواجن سوى جزء من تلك المؤامرة. الأمر الذي جعل عدد من نقاد السينما في كبريات الصحف الأميركية، يصفون المواجهة ما بين أصحاب ومنتجي الفيلم بـ"الحرب المفتوحة ما بين النباتيين وأكلة اللحوم"، مؤكدين أن فيلم أبناء الأرض بجزئه الثاني من شأنه أن يغيّر نظرة الناس إلى نظامهم الغذائي التقليدي، ولا سيما عشاق الوجبات السريعة القائمة على لحوم البقر والدجاج، وخصوصا حين يتسنى لهؤلاء مشاهدة وإكتشاف الطريقة الوحشية واللاأخلاقية التي تُعامَل بها تلك الحيوانات.
الحيوان إبن الأرض

يروي أحداث الفيلم الوثائقي "أبناء الأرضEarthling "، الممثل الهوليوودي يواكين فينيكس بصوته الدافىء والمؤثر، (الحائز جائزة الاوسكار عن فيلم "Gladiator")، ويكشف الوجه البشع والإستغلالي للإنسان الذي يستثمر "أخيه" الحيوان منذ ما قبل ولادته، فينعم بحليبه، وبيضه وجلده، وصوفه، ويستخدمه للحراسة والفلاحة والنقل، حتى بعيره جعل منه سماداً لمزروعاته. وماذا بعد؟! يقول الراوي يواكين فينيكس في سياق الأحداث: "فلو كان للحيوان لسان ناطق لصرخ بوجه "أخيه" الإنسان معاتباً ومتألماً: "ماذا تريد مني بعد؟! لقد منحتك كل ما تحتاجه من مأكل وملبس. وكنتُ ساعدك الأيمن في فلاحة أرضك، وحارسك الأمين في أثناء نومك، وخادمك المطيع في تنقلاتك وسفرك البعيد؟! وفي المقابل تخليتُ عن خيرات الدنيا كلها، لتنعم بها وتستثمر أرضها على رحابتها، تبني عليها منزلك الواسع والنظيف، وتعطيني مرقداً صغيراً بالكاد يتسع لقوائمي الأربع، وتحجزني في قفص ضيق مع عشرات غيري، يكاد الهواء الذي يمر من بين ثناياه لا يكفينا، فيغمى علينا، ونمرض، وتصاب أطرافنا بالتيبس والغرغرينا، وإذا بي أصحو وأنا على حلاوة الروح، لأجد نفسي أمام سكينك يا جزار تجزّ عنقي بلا شفقة أو رحمة! وفي أسلوب تصاعدي مصحوب بالشحن العاطفي، يتابع الراوي بلسان حيوانه: "كيف تجرأت على جز عنقي يا إنسان، أولم يخطر في بالك ولو لبرهة أنني أطعمتك من حليبي منذ رأيتَ النور؟! كيف تذبح من قامت في يوم من الأيام بدور أمك يا إنسان؟!
هذا الأسلوب التهكمي الذي رافق مشاهد الفيلم المتخمة بالممارسات الوحشية ضد "أبناء الأرض" الذين لا حول لهم ولا قوة ونصير أمام بطش الإنسان وجشعه قد يكون فسحة وحيدة لتنفس الصعداء، ولا سيما حين تكتشف الطريقة المرعبة التي تُفرم بها صيصان الدجاج وهي حية، لتصبح لحوما مطحونة  في علب "الباتيه Pate". أو كيف يقوم الجزار ببتر أذناب البقر في مزرعته لأنها تأخذ مساحة في المكان الضيق المخصص لعلفها ركوعاً، ودون حتى أن تتوافر لها حرية الحركة، إستعداداً لعملية إعدامها التي هي الأخرى تفتقد إلى أدنى المعايير الإنسانية. ولعل أكثر المشاهد دموية في هذا الوثائقي، هي تلك التي يتم فيها قتل الماشية سحقاً أو ضرباً مبرحاً على رؤوسها بالآلات المعدنية، وذلك تفادياً لتسرب الدماء منها حرصاً على عدم خسارة اي جزء من وزنها.       
واجه فيلم "أبناء الأرض" صعوبات شتى منذ أن بدأ المخرج مونسون في العام 1999 التخطيط لإنتاجه والحصول على تراخيص خاصة تمكنه من تصوير المشاهد الحية في مزارع الماشية والمسالخ التي يمارس فيها أبشع أنواع انتهاكات حقوق الحيوان من وسائل وحشية وتعذيب تدينها حتى أكثر المجتمعات تخلفاً. وبالفعل استطاع مونسون تجاوز الكثير من صعوبات التصوير عبر فريق عمل بارع توزع مهمات توثيق أهم وأدق المراحل التي يمر بها الحيوان قبل ذبحه، وذلك عبر استخدام كاميرات خفيّة خاصة، تمكنت من نقل مشاهد لا يمكن تصديقها، حتى لتخال وأنت تتابع أحداث الفيلم المقززة أنك تأكل لحمك الحي بيدك! 

- لمشاهدة وثائقي "أبناء الأرض" إضغط على الرابط التالي:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق