الاثنين، 7 أبريل 2014

سيدة عمرها 100 عام "تزلزل" تركيا 

وتكشف تفاصيل "مذبحة الأرمن"!



كتب : محمد الليثي / "الوطن" المصرية
تعد الإبادة الجماعية للأرمن التي ارتكبها الأتراك قبل مائة عام تقريبًا مصدر قلق كبيرًا للنظام الأردوغاني، من منطلق الكشف، مؤخرًا، عن العديد من الشواهد على تلك الإبادة، والتي من شأنها أن تدفع العديد من الدول الاعتراف بهذه المذابح، وعمليات القتل الممنهجة والترحيل القسري، ما يضع الكثير من العراقيل في طريق انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
ويحاول النظام التركي، على مر السنين الماضية، إخفاء جريمة إبادة الأرمن بالأساليب المختلفة، وفقًا لتأكيدات الدكتور محمد رفعت الإمام، أستاذ التاريخ بكلية الآداب بجامعة دمنهور، ولكن تأتي الكثير من الصدمات للنظام التركي، حيث الشواهد التي تظهر وتؤكد حدوث المذابح وتكشف عن العديد من التفاصيل التي لم تكن معروفة.
وبعد إعلان فوز حزب رجب طيب أردوغان في الانتخابات المحلية التركية بيوم واحد، فجّرت صحيفة "الإندبندنت" الإنجليزية قنبلة في وجه تركيا بخصوص هذا الشأن، حيث أتت بتقرير يضم رواية إحدى السيدات الأرمنيات الناجيات من المذابح، وتدعى يوفينوغ ساليبيان، "قعيدة" تبلغ من العمر 100 عام، آخر شاهدة على مأساة إبادة السلطات التركية للأرمن عام 1915.
وأشارت ساليبيان، التي شهدت المذابح وهي في الثالثة من عمرها، في التقرير الذي نشره الكاتب روبرت فيسك، إلى أن الدولة التركية تنفي وتصر على عدم قيام الإمبراطورية العثمانية بالإبادة التي راح ضحيتها مليون ونصف من الأرمن، بمختلف الطرق، رميًا بالرصاص، وطعنًا بالسكاكين، وضربًا بالفؤوس، فضلاً عن إرسال الأطفال نحو الغابات شمال سوريا، حيث يتم تجويعهم واغتصابهم وذبحهم.
تابعت ساليبيان أن والدها آبوش آبوشيام كان له أصدقاء أتراك تربطه معهم مصالح تجارية، الأمر الذي شفع لهم ولم يتم ترحيلهم في بادئ الأمر، إلا أنها تتذكر وهي في الثالثة من عمرها سماع صراخ وبكاء الأطفال الذين اقتيدوا حفاة الأقدام، وكان الجنود يضربونهم بالسياط لدفعهم للمغادرة، وروت ساليبيان رحلة انفصالها عن عائلتها ونقلها إلى حلب ثم دمشق فبيروت.
جدير بالذكر أن حملة الإبادة تعرف أيضًا باسم "المحرقة الأرمنية" و"المذبحة الأرمنية" أو "الجريمة الكبرى" في العام 1915، وهي تكشف عمليات القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن على يد الإمبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى.
ويقدّر الباحثون أن أعداد الضحايا الأرمن تتراوح ما بين 1 مليون و1.5 مليون نسمة، إضافة إلى مهاجمة قوات الإمبراطورية العثمانية مجموعات عرقية مسيحية أخرى وقتلها خلال هذه الفترة كالسريان والكلدان والآشوريين واليونانيين وغيرهم.
وكان الدكتور رفعت الإمام، أستاذ التاريخ بكلية الآداب بجامعة دمنهور، قد طالب في تصريحات سابقة له بضرورة اعتراف مصر بهذه المذابح، وهو ما سيجعل العديد من الدول تأخذ الموقف المصري في هذا الصدد، لتظل أزمة الإبادة ما بين المطالبة الأرمنية بالاعتراف بها، والخوف والتهرب التركي خشية من عدم الانضمام للاتحاد الأوروبي

الأحد، 6 أبريل 2014

«حزب الله» يخشى وصول عون بصفقة «سرية» مع المستقبل!



وليد شقير / جريدة "الحياة"
سيناريو اسقاط المرشحين الأربعه
فتح ترشيح حزب «القوات اللبنانية» رئيسه سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، البحث بالآلية التي ستعتمد لانتخاب الرئيس الجديد، وإمكان حصولها قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 أيار (مايو) المقبل أو بعدها، في حال تعذر التوافق على انتخاب الرئيس الجديد، وبالتالي إذا حصل الفراغ الذي سيطلق ضغوطاً على الطبقة السياسية اللبنانية، سواء من الداخل أم من الدول المعنية «باستمرارية المؤسسات» من أجل تأمين نصاب الثلثين وانتخاب رئيس من غير أسماء الأقطاب الذين يستحيل التوافق على أي منهم.
فالآلية السياسية للانتخاب مرتبطة بالتوافق السياسي ومدى حظوظه وسط سيناريوات عدة مطروحة في ظل عجز أي من الفريقين الرئيسيين في لبنان، 14 و8 آذار، عن تأمين نصاب الثلثين، وعدم حصول أي منهما حتى على أكثرية النصف زائد واحداً، من دون التحالف مع الوسطيين، أي كتلة «جبهة النضال الوطني» النيابية برئاسة وليد جنبلاط (8 نواب) ونواب طرابلس الثلاثة الرئيس نجيب ميقاتي والنائبين أحمد كرامي ومحمد الصفدي.
فالسيناريوات المطروحة بالنسبة إلى آلية اختيار الرئيس اللبناني المقبل، تبدأ بأن يدعو رئيس البرلمان نبيه بري إلى جلسة انتخاب يغيب عنها نواب أحد الفريقين الرئيسيين 8 أو 14 آذار فلا يتأمن نصاب الثلثين، مرة أو اثنتين، ليكتشف الجميع صعوبة مرور أي من المرشحين الأربعة الأقطاب، جعجع ورئيس حزب «الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل، وزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وأن لا حظوظ لأي منهم، وبالتالي هناك ضرورة للاتفاق على مرشح توافقي من غير الأقطاب.
أما السيناريو الثاني، فهو أن يتأمن نصاب الثلثين نتيجة دعوة بري، والضغوط المسيحية والفاتيكانية والخارجية من أجل نزول النواب إلى الجلسة، ليفشل جعجع ومن يترشح من الأقطاب الثلاثة الآخرين في الحصول على الثلثين في الدورة الأولى وحتى على أكثرية النصف زائد واحداً في الدورة الثانية، ليكتشف الأقطاب أيضاً أن لا حظ لأي منهم، فتنفض الجلسة في انتظار الاتفاق على مرشح توافقي من الصف الثاني. أما الثالث، فهو السيناريو الذي يفترض انسحاب بعض الكتل بعد الدورة الأولى بحيث يسقط نصاب الثلثين فلا تحصل الدورة الثانية بأكثرية النصف زائد واحداً.
ويقول غير مصدر سياسي إن هناك حاجة للسيناريو الثاني، من أجل أن يقتنع الأقطاب الأربعة أن لا حظ لأي منهم، من أجل التفتيش عن الشخصية الوسطية والإقلاع عن وضع شرط «الرئيس القوي»، بعدما يلمس الأقوياء لمْسَ اليد استحالة وصول أي منهم، فيبدأ عندها البحث الجدي باسم الرئيس العتيد.
◄الحزب يرفض المغامرة
ويرجح عارفون السيناريو الأول، ألاّ تنعقد الجلسة أصلاً بعد دعوة بري إليها، نظراً إلى أن الأطراف الفاعلة، لا سيما «حزب الله»، ليست في وارد المغامرة بالنزول إلى البرلمان في ظل عدم الوضوح وفي ظل ما يشاع عن توافق بين تيار «المستقبل» ورئيسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وبين عون على دعم ترشح الأخير للرئاسة الأولى في إطار صفقة برعاية أميركية – سعودية. وعلى رغم نفي «المستقبل» ذلك مراراً، ونفي مصادر أميركية وغربية وجود مثل هذه الصفقة، فإن هؤلاء العارفين يؤكدون أن الحزب، مع إدراكه ذلك، فإنه يفضل وحلفاؤه ألاّ يخاطر بحصول عملية اقتراع في الدورة الثانية قد تؤدي الى نجاح عون، نتيجة انحياز «المستقبل» إليه، أو انحياز جنبلاط إلى غيره ممن تكون المعادلة الدولية – الإقليمية نجحت في تأمين التوافق عليه. ولذلك، فإن الحزب يجنح نحو استبعاد أكثرية الثلثين إذا لم يكن هناك اتفاق بينه وبين سائر الفرقاء، ما يعني ترجيح السيناريو الأول، أي عدم انعقاد الجلسة النيابية، في انتظار التفاهم معه، مع ما يعنيه تأخر حصول هذا الاتفاق من الوقوع في الفراغ، لا سيما إذا كان إتمام الانتخاب الرئاسي في لبنان سيكون مرهوناً بالوضع الإقليمي، وتحديداً بمرحلة الانتخابات الرئاسية في سورية التي ينوي النظام السوري الدعوة إليها لينجح فيها بشار الأسد صورياً، ثم يبدأ بعدها التفتيش عن اسم الرئيس اللبناني العتيد من ضمن مسار للتعاطي مع الساحة اللبنانية باعتبارها امتداداً لما يجري في سورية، في نظر حلفاء النظام في سورية، خصوصاً إيران.
◄تكريس معادلة
وفي اعتقاد أوساط قريبة من «القوات اللبنانية» أن جعجع بترشحه لا يستبعد أياً من السيناريوات الثلاثة، ومنها السيناريو الأول، أي عدم تأمين 8 آذار نصاب الثلثين وبالتالي عدم انعقاد الجلسة. وهي تعتبر أنه «رابح من أي من السيناريوات الثلاثة بترشحه، لأن تعطيل نصاب الثلثين سيكون صفعة لخصومه المسيحيين، سواء ترشح عون أو فرنجية وإذا لم يترشح أي منهما أيضاً. في الحالة الأولى يكون ظهر أمام الرأي العام المسيحي على أنه المستهدف على رغم أنه انسجم مع دعوة البطريركية المارونية إلى عقد جلسة الانتخاب في أسرع وقت ومع دعوتها إلى ترشح الأقوياء. وفي الحالة الثانية، أي عقد الجلسة من دون أن ينجح هو أو عون، يكون رابحاً، وهذا ليس في مصلحة الأخير. ومع أن جعجع (ومعه قادة القوات) يقول إن ترشحه ليس لقطع الطريق على ترشح عون، فإن أوساطاً في 14 آذار وفي 8 آذار ترى أن السيناريوات المطروحة تؤدي عملياً إلى تكريس المعادلة القائلة إن ترشح جعجع هدفه إلغاء ترشح عون أو «القوطبة» عليه.
إلا أن مصادر «القوات» ترى أنه على رغم أن السيناريوات الثلاثة تنتج منها استحالة وصول جعجع، فإن مكسبه منها أنه يكون فرض نفسه الأقوى في 14 آذار، وأن حصول الفراغ الرئاسي يسمح له بدءاً من 26 أيار بأن يكون ناخباً قوياً يصعب تجاوزه في اختيار الرئيس العتيد من غير الأقطاب، لا سيما إذا كانت العواصم الدولية والإقليمية ستدخل على خط اختياره. وهذا سيحتمه ترشح جعجع.
إلا أن هذه الحسابات لمفاعيل ترشح رئيس «القوات»، تفترض أن قوى 14 آذار ستجتمع على تأييده حصاناً لها في التمرين الذي يمكن أن يحصل على السيناريوات الثلاثة المذكورة وستتفق على دعمه، وهو أمر ينتظر اجتماع قادتها وتشاورهم مع الرئيس الحريري، فضلاً عن تشاورهم مع الوسطيين الذين يرجحون أكثرية النصف زائداً واحداً. وفي هذا المجال تعتبر مصادر مطلعة على خطوة جعجع أن من بين استهدافاتها، إضافة إلى المذكور أعلاه، رفع التحدي في وجه حلفائه بقدر خصومه، لأن رئيس «القوات» يعتبر أن ما أقدم عليه اختبار لمدى انسجام حلفائه في 14 آذار معه، والذي يتوقف عليه مدى استمرار التحالف في المرحلة المقبلة، بعد التباينات التي نجمت عن انفتاح الحريري على عون من دون التنسيق معه، وفي شأن إقبال «المستقبل» على الاشتراك في الحكومة الحالية التي رفضت «القوات» أن تكون في عدادها، بل إن بعض الأوساط يقول إن جعجع يعتبر أنه إذا لم تدعم 14 آذار ترشحه، من زاوية دعمها المشروع الذي يحمله في مواجهة السلوك السياسي لـ «حزب الله» بالاستقلال عن الدولة، فإنه يرجح تفكك التحالف بينه وبين حلفائه.
◄الخطة (أ) والخطة (ب)
وإذ تقر أوساط في «القوات» بأن ترشح جعجع يخلط الأوراق داخل 14 آذار، فإن أوساطاً مراقبة تعتبره أيضاً اختباراً منه لمدى عمق أو متانة تفاهم الحريري مع عون أو لقطع الطريق على تمتينه إذا كان ما زال محدوداً بالمضمون حتى الآن.
وتدعو أوساط «القوات» إلى التعاطي مع السيناريوات الثلاثة التي تقود إلى استحالة انتخاب جعجع (وغيره من الأقطاب استطراداً) على أساس أن الخطة (أ) تقتضي تأييده من حلفائه فتستعيد تماسكها عن طريق خوض الدورة الأولى للاقتراع حتى لو لم تحصل مجتمعة، تمهيداً للخطة (ب) المتعلقة بالتفتيش عن الرئيس التسوية، فتذهب مجتمعة إلى هذا الخيار أيضاً وتستعيد تماسكها، وإلا خسرت وحدتها في الخطتين معاً.
بل إن البعض يذهب إلى حد القول إنه إذا كان من تفاهم مع 8 آذار أو مع عون على الرئيس الجديد، حتى لو كان عون نفسه، فإن ترشح جعجع يساعد 14 آذار على أن تحدد ما هو التوجه الذي سيسلكه في عهده والذي تريده منه للمساهمة في إيصاله إلى سدة الرئاسة

الجمعة، 4 أبريل 2014

كيف ينظر رئيس أميركي إلى ملك سعودي؟


من زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة للسعودية (أ ف ب)


*جعفر البكلي
"إنه قادم... ولكنني أسأل نفسي: هل سيأتي معه بالحريم؟"!.
هذه العبارة، كتبها الرئيس الأميركي دوايت ايزنهاور في دفتر يومياته، مساء الاثنين 28 كانون الثاني 1957، في إشارة إلى الملك سعود بن عبد العزيز، أوّل عاهل سعودي سيزور الولايات المتحدة زيارة رسمية، بعد يومين... أي في الثلاثين من كانون الثاني من ذلك العام.
وهذه العبارة، (وكل الفقرات التي سيستشهد بها هذا المقال) مدوّنة في الجزء الرابع من يوميات الرئيس ايزنهاور، ضمن ملف الشرق الأوسط. وهذا الملف محفوظ الآن ضمن مجموعة أوراق ايزنهاور الخاصّة، في المكتبة الرئاسية للمتحف الذي يحمل اسمه، في بلدة آبيلين، في ولاية كانساس.

في الغد، الثلاثاء 29 كانون الثاني1957، كتب ايزنهاور في دفتر يومياته الفقرة التالية: «اتصل بي فوستر تلفونياً (جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأميركي، في الخمسينيات) وأعلمني أنّ سعود يصرّ أن أكون أنا شخصياً من يستقبله في المطار! هذا الأمر مستحيل، ومخالفٌ للبروتوكول! لقد جرت التقاليد أن أستقبل كبار الزوار الرسميين عند مدخل البيت الأبيض. وإذا استثنينا سعود، فستصبح هذه السابقة سُنة يطالب بها كل ملك يزور أميركا!».
وفي مساء 29 كانون الثاني 1957، أضاف الرئيس في دفتر اليوميات، الفقرة التالية: «فوستر ما زال يلحّ عليّ لكي أستقبله في المطار. يقول لي: إن لم تفعل، فقد يعدل عن المجيء... لأنّ هؤلاء القوم حسّاسون ومهووسون بالمظاهر!.
ماذا عليّ أن أفعل؟! لم يعد من مفرّ سوى أن أذهب إليه!». (1)
النفاق والعناق
في ظهر يوم 30 كانون الثاني 1957، وصلت إلى مطار واشنطن ثلاث طائرات تحمل مئات من أفراد الحاشية الملكية: أمراء، وزراء، نسوة، مرافقون، صحافيون، مترجمون، أطفال، خدم، حشم، عبيد... ثمّ وصل الرئيس ايزنهاور إلى القاعة الشرفية في المطار. وأخيراً، وصلت الطائرة «كولمبيان» الخاصّة برئيس الولايات المتحدة الأميركية، والتي تُقلّ على متنها ملك السعودية، الآتي من نيويورك إلى واشنطن. ولدى وصوله، أطلقت المدافع 21 طلقة ترحيباً بالزائر المهم، الذي هبط من مدرج الطائرة ليجد الرئيس ايزنهاور بنفسه يستقبله... كاسراً بذلك كل أعراف البروتوكول الأميركي!
وحينما تقدّم الرئيس من ضيفه ليصافحه، ويقول له: «نرحّب بكم في الولايات المتحدة»، فوجئ بالملك السعودي، وقد تعلّق برقبته، وأخذ يضغط بساعديه على كتفيه، ويشبعه بالقبلات! كان مشهد العناق والقبلات الذكورية جديداً على ايزنهاور. وحتى يتملّص الرئيس الأميركي من أحضان العاهل العربي، مدّ جسمه إلى خادم سعودي نزل من وراء الملك. كان ذلك الخادم يحمل بين يديه الأمير مشهور بن الملك سعود البالغ من العمر ستة أعوام، والذي يعاني مرضَ شلل الأطفال. فلمّا رأى ايزنهاور الأمير الصغير المشلول، حاول أن يتقدّم منه ليربّت على رأسه (أو لعلّه أراد أن ينجو من ورطة أحضان أبيه!)، ثمّ التفت الرئيس إلى المليك، وتفرّس في العقال الذي يزيّن به رأسه، وقال له: «جلالة الملك، هل هذا هو تاجك؟!». وابتسم سعود بعد أن استمع إلى الترجمان، ثمّ قال لايزنهاور: «لا! حِنا ما نزيّن روسنا بتوجان... حِنا نزيّن روسنا بشعبنا!».

كانت الإدارة الأميركية قد أعدّت للملك العربي مراسم حافلة. فعلى جانبي الطريق من المطار إلى قصر الضيافة في «بلير هاوس»، رُفعت مئات الأعلام السعودية، وحرص المنظمون على أن يمرّ الموكب الملكي فوق جسر واشنطن التاريخي، ثمّ أن يدور حول نصب أبراهام لنكولن التذكاري. وأثناء مسار الموكب الملكي المكوّن من عشرات سيارات المراسم الفخمة، كان يمرّ من تحت أقواس نصر أعدّت خصّيصاً للمناسبة، وزيّنت باللونين الأخضر والأبيض... وكانت الموسيقى تعزف كامل الوقت، فلقد حشدت السلطات الأميركية 14 فرقة موسيقية على طول الطريق، لتحيّي الملك أينما يصل ركبه. وحول الموكب الضخم حشدت السلطات ألوفاً من الأميركيين ليشاهدهم الملك السعودي وهم يرحّبون به، ويرفعون لجلالته أعلام «لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله»! وأعلن المفوّضون في مقاطعة واشنطن، أن يوم الأربعاء 30 كانون الثاني1957 تقرّر رسمياً أن يطلق عليه اسم «يوم الملك سعود»، وعلى هذا الأساس، فقد قدّم روبرت ماكولان رئيس مجلس المفوضين في واشنطن للملك مفتاحاً رمزياً للعاصمة الأميركية (2). وفي مساء 30 كانون الثاني 1957 أقام الرئيس ايزنهاور مأدبة حافلة في البيت الأبيض، على شرف الملك السعودي، حضرها كبار المسؤولين الأميركيين، مثل نائب الرئيس ريتشارد نيكسون، ووزير الخارجية جون فوستر دالاس، وعدد مهم من رجال الكونغرس الأميركي، وعدد من النواب من مختلف الولايات.
في الغد، 31 كانون الثاني 1957، كتب ايزنهاور في دفتر يومياته الفقرة التالية: «سعود كان هنا، في العشاء الرسمي الذي أقمته له في البيت الأبيض... كنّا نحن بـ«الفراك» ، وكانوا هم بتلك العباءات. وكان «أولاد البترول» يحومون حول ملك السعودية. طبعاً... فلقد كانت أرباحهم هذه السنة، خيالية! (3)
لقد اختنقت من روائح السعوديين... إن رائحة البخور، لا تزال تملأ البيت الأبيض! والملك السعودي هذا، شخصية من شخصيات القرون الوسطى. هذا المخبول أعطى لخدم البيت الأبيض بقشيشاً ما بين خمسين إلى مئة دولار، لكلّ واحد منهم! ماذا سأقول؟! إنّ إعطاء البقشيش، في البيت الأبيض، ممنوع منعاً باتاً. ولكنّي اللبارحة خرستُ، وحبستُ لساني في فمي!
لا يهمّ! المهمّ أن يدخل سعود في مشروعنا للشرق الأوسط الجديد!» (4).
قطعة ضخمة من اللحم... اسمها ملك السعودية
في تلك الأيام، كان هنالك مشروع أميركي جديد يُطبَخُ للشرق الأوسط، وقد سُمّيَ «مبدأ ايزنهاور»، وقُدّم رسمياً إلى الكونغرس، في يوم 5 كانون الثاني 1957. وكان هذا المشروع يخوّل للرئيس الأميركي - ومن دون الرجوع إلى الكونغرس للحصول على تفويض منه - حق التدخل السريع بالقوة المسلحة، لحماية أي نظام حليف لأميركا في الشرق الأوسط يتعرّض لتهديد (أو خطر تهديد) من قوى الشيوعية العالمية أو من المتعاونين معها. ويخوّل المشروع للرئيس في إطار تدخله ذاك، أن يقدّم المساعدات العسكرية الضرورية لأصدقاء أميركا.
وكتب ايزنهاور في مذكراته يوم 5 كانون الثاني1957، بُعيد إقرار المشروع في الكونغرس، ما نصه: «إنّ على أيّ ديكتاتور في الشرق الأوسط أن يَحسب، منذ اليوم، حساب أي خطوة يتخذها». ثمّ أضاف: «إن ملك السعودية، هو رجلنا الوحيد الذي قد يستطيع أن يتحدّى ناصر في قيادة العالم العربي، وأن يحوّل قاطرته من اتجاه الاتحاد السوفياتي، إلى اتجاهنا». كانت استراتيجية الولايات المتحدة للشرق الأوسط، بُعيد الحرب العالمية الثانية تنحو إلى التفرّد المطلق بهذه المنطقة المهمة من العالم. وعلى هذا الأساس، كانت أميركا تعمل على سياسة عزل مزدوج لمنافسيها. فأمّا الحلفاء منهم، (بريطانيا و فرنسا) فكان العزل لهم بوراثة أدوارهم. وأمّا الخصوم (كالاتحاد السوفياتي) فكان عزلهم بشيطنتهم حتى لا يمتد تأثيرهم الشيوعي إلى منطقة يريدها الأميركيون لهم حصراً. ولقد اعتبر جمال عبد الناصر - الذي خرج لتوه ناجياً من عدوان ثلاثي دبّره الحليفان المنافسان - امتداداً لأولئك الخصوم (السوفيات) الذين يُراد شيطنتهم، وعزلهم.
وأمّا تعويل الأميركيين في خططهم على السعودية، فذلك بحكم ما لها من نفوذ ديني يمكن أن يجيّر في حملة ضارية ضد «الإلحاد الشيوعي». وبحكم ما لها من شبكة علاقات يمكن أن تستخدم في نسج تحالفات إقليمية جديدة. وبحكم ما لها من أموال يمكن أن تشتري ولاءات هنا وهناك. وبحكم ما لها من موقع استراتيجي يمكن أن ينافس موقع مصر في العالم العربي.
ولم يخيّب الملك السعودي آمال الأميركيين. فلقد مضى بعد زيارته التاريخية للبيت الأبيض، يسعى بهمّة ونشاط لتقويض مركز عبد الناصر في مصر والعالم العربي. وكان من أوائل ما صنعه الملك تمويله لمرتضى المراغي، وزير الداخلية في أواخر عهد الملك فاروق، حتى يدبّر انقلاباً عسكرياً في مصر. ولكن أحد الضباط المصريين الذين كُلفوا بتدبير الانقلاب، وهو العقيد عصام خليل، أفشى بما طُلِبَ منه للواء (وقتها) عبد الحكيم عامر. وسَلم له المبالغ التي دفعت إليه (16.200 جنيه استرليني). وأوصلت التحقيقات في هذه المسألة إلى حقيقة من يقف خلفها. ولم يكن هذا الذي وراء المؤامرة إلا ملك السعودية بنفسه! ولم ترد القاهرة أن تقطع شعرة معاوية مع الرياض، فتكتمت في بداية الأمر عن موضوع سعود بطلب ورجاء من الشيخ يوسف ياسين مستشار الملك، ثمّ بمسعى من أخيه فيصل. ولكن ملك السعودية عوض أن ينكفأ عن مساعيه التآمرية، زاد في مساعيه تلك وصعّدها.
ولقد تهيأ للملك السعودي - وهو يراقب، في ذلك الوقت، توجس الغرب وهلع حِلفه في المنطقة، من الاستعدادات التي تحضّرُ حثيثاً لإنجاز وحدة بين مصر وسوريا، في أوائل سنة 1958 - أنه قادر على تحطيم هذا الحلم، عبر استخدامه للنقود، في رشوة جديدة.
وكان الهدف الذي تطلعت إليه عينا الملك السعودي الآن، هو عبد الحميد السرّاج، رئيس المخابرات العسكرية في سوريا (المعروفة باسم «الشعبة الثانية»). ولقد بعث الملكُ للسرّاج صهرَه أسعد إبراهيم، وعرَض عليه مبلغ مئة مليون جنيه استرليني، إن هو قبل بالقيام بانقلاب يحول دون حدوث الوحدة بين سوريا ومصر. وكان العرض أن يدفع السعوديون للسرّاج عشرين مليون جنيه استرليني مقدماً، على أن يُدفع الباقي بعد نجاح العملية. ولكي يتشجع السرّاج أكثر، فقد أعلمه وسيط الملك السعودي أنّ السفير الأميركي في دمشق مستعد لإعلان اعتراف بلاده بالنظام الجديد، حال إعلانه. كذلك إن الملك يضمن اعتراف كل البلدان الصديقة لأميركا، بالوضع الجديد.
وطلب السرّاج من أسعد إبراهيم (والد زوجة الملك سعود، أم خالد) أن يمنحه هذا المال الذي سيساعده في تنفيذ الخطة. وغادر أسعد إلى السعودية على متن طائرة ملكية خاصة. ثم عاد يوم 20 شباط 1958، (أي قبل يوم واحد من الاستفتاء على الوحدة) وجاء معه بـ 3 شيكات: الأول بمبلغ مليون جنيه استرليني تحت رقم52/85902، والثاني بمبلغ 700 ألف جنيه تحت رقم تحت رقم58/85903، والثالث بمبلغ 200 ألف جنيه تحت رقم 59/85904. وكانت كل هذه الشيكات مسحوبة من البنك العربي المحدود في الرياض، على بنك ميدلاند في لندن، وتدفع لحامله. ثمّ أعلم أسعد إبراهيم السرّاجَ ضاحكاً، بأنه قد خصَمَ من المليوني جنيه استرليني التي بعثها الملك إليه، مئة ألف جنيه، باعتبارها عمولته.
ولم ينتظر السرّاج حتى ينبلج النهار، فقد تحرّك فوراً بصحبة بعض ضباطه الموثوقين، واستدعوا واصف كمال مدير فرع البنك العربي المحدود في دمشق ونائبه وبعض معاونيه، لكي يشرفوا مع أول ساعات الصباح على عملية سحب المبالغ من بنك ميدلاند برقيا، وتحويلها إلى حساب جديد باسم السرّاج، تمّ فتحه في سويسرا.
وفي يوم 24 شباط 1958 (بعد يومين من إعلان نتيجة الاستفتاء على الوحدة) جاء عبد الناصر إلى دمشق. وكان أول شيء فعله السرّاج هو أن أعلمه بكل تفاصيل مؤامرة الملك السعودي، وقدّم له مجموعة لصور الشيكات، والأذون بالدفع المتعلقة بها. ثمّ زاد السرّاج فأخبر عبد الناصر بقصة مؤامرة أخرى أعدّها الملك سعود، واعترف بتفاصيلها أسعد إبراهيم، بعد أن قبض عليه. وتتعلق برشوة أحد طيّاري سلاح الجو السوري، بنصف مليون جنيه، حتى يقوم بإسقاط طائرة عبد الناصر في الجوّ قبل وصوله إلى دمشق، ومن ثمّ يهرب إلى تركيا.
في الغد، خطب عبد الناصر أمام مئات الآلاف من الجماهير المحتشدة في دمشق، والتي جاءت من كل أنحاء سوريا، لتستمع إلى خطابه الأول، بعد إتمام الوحدة العربية. وفي ذلك اليوم المشهود، كشف الرئيس كل تفاصيل مؤامرات ملك السعودية ضد الوحدة العربية: بالأدلة، والشهود، والوثائق الدامغة... وسط ذهول الملايين من المنصتين إليه في الميادين، ووسط ذهول الملايين من المنصتين إليه في كامل أرجاء الوطن العربي. لقد كان الناس من المحيط إلى الخليج، يتجمعون في كل مكان ليسمعوا مباشرة وبانتباه، محطات الإذاعة التي تنقل خطاب الوحدة مباشرة، من دمشق. ولم يكن يدور في خلد أحد من العرب أن هذا الخطاب الذي ظلوا يتطلعون إليه بشغف، سيعرّي وجوهاً وعروشاً وأنظمة على الملأ.
وبُعيد انكشاف مؤامرة الملك سعود، وافتضاح مخططه لإجهاض الوحدة المصرية - السورية، انفجر سخط عارم بين أمراء العائلة المالكة السعودية، على سياسات الملك الغبية. وأدّت الفضيحة المدوية، في نهاية المطاف، إلى سحب صلاحيات السلطة من يد سعود، ومنحها إلى ولي عهده الأمير فيصل بن عبد العزيز.
وفي واشنطن، كان تعليق الرئيس الأميركي إيزنهاور، على كل هذا الذي جرى، وفقاً لرواية مساعده السياسي في البيت الأبيض شيرمان آدامز، كالتالي: «لا بد أن نسلّم أن ابن الـ**** هذا، زعيم حقيقي لديه الأعصاب ولديه الكفاءة... والخسارة الحقيقية أنه لا يقف في صفنا، بينما نجد في صفنا قطعة ضخمة من اللحم اسمها سعود!»(5).
علامة الله
بعد أكثر من خمسين عاماً، عمّا دوّنه ايزنهاور في يومياته، متهكماً على سعود، تحدّث جورج دبليو بوش في كتابه «نقاط القرار»، الذي صدر في تشرين الأول 2010، غامزاً من الاضطراب في شخصية الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك) عندما زار الولايات المتحدة في 25 نيسان 2002، واستضافه بوش في مزرعته في كراوفورد بولاية تكساس.
قال بوش في كتابه إنّ عبد الله كان متوتراً بسبب إهمال الإسرائيليين الردّ على مبادرته للسلام التي طرحها قبل شهر، في قمة بيروت. وأنه طلب منه أوّل ما التقاه أن «يُخرِجَ الخنزيرَ من رام الله». (يقصد بالخنزير شارون الذي احتل الضفة في نيسان 2002، وحاصر عرفات في مقر المقاطعة). واستغرب عبد الله لماذا لا يمسك رئيس الولايات المتحدة الآن بالهاتف، ويأمر شارون بالانسحاب فوراً. وأجابه بوش أنه لا يستطيع أن يمارس الدبلوماسية بهذه الطريقة. وهنا ازداد غضب عبد الله وحنقه، وقرّر الانسحاب من الاجتماع فوراً.
لقد كان عبد الله يعتقد حينئذ أنّ بإمكان بوش (ملك أميركا) أن يمسك بالهاتف، ويزعق في أذن الخنزير شارون، ويأمره فوراً بالخروج من رام الله. وحينها لن يستطيع شارون عصيان أمر «ملك أميركا»، وسينفذ الأوامر صاغراً خسيئاً! وبما أن بوش يتهرّب من إصدار توجيهاته هذه إلى شارون، فذلك لا يعني سوى أنه يستهين بولي عهد السعودية. وعليه فلنغادر المكان، فلا جدوى حينئذ من أي كلام!
وقرّر بوش أن يحتوي مزاجية ضيفه العربي. وفكّر أن يلعب على «كارت» الدين، مراهناً على بساطة عقل عبد الله، وأن موضوع الدين لا شك سيثير اهتمام أمير سعودي. وهكذا أخذ يشرح لضيفه الوهابي أهمية دور يسوع في حياته، متمنياً أن هذا الوعظ ربما يستهوي شهية عبد الله الدينية. ولكن ولي العهد السعودي - بحسب ما ذكره بوش- لم يكن لديه أيّ مزاج للمشاركة في مثل هذه الأحاديث.
ولم يتبق لبوش حتى يكسب ودّ سيد السعودية، في أول لقاء لهما مع بعضهما، سوى التكلم معه عن الحيوانات. وكان مساعدو الرئيس قد أخبروه عن مدى ولع عبد الله بالدواب. واقترح الرئيسُ الأميركي أن يصطحب الأميرَ في جولة، في مزرعته.
هز عبد الله رأسه مستجيباً. وبعد دقائق قليلة كان ولي العهد بثيابه الفضفاضة يصعد إلى سيارة «فورد زاد50»، برفقة مترجم وزارة الخارجية الأميركية جمال هلال. وبدأ بوش يشرح لعبد الله أنواع الأشجار في مزرعته، وأنواع الحشائش البرية التي زرعتها زوجته لورا. ويشير إلى الأبقار التي كانت ترعى. وكان ولي العهد جالساً صامتاً... «ولم أكن قد توصلت إلى شيء كثير معه»، يقول بوش.
ثم يضيف في روايته: «وصلنا إلى جزء بعيد من المزرعة، وكانت هناك أنثى ديك رومي وحيدة تقف في الطريق، فأوقفت السيارة، لكي لا أدهسها. ولكن الطائر لم يتحرك. وسألني عبد الله قائلاً: ما هذا؟ فقلت له: «إنه ديك رومي. وأضفتُ: إن الرئيس بنجامين فرانكلين كان يحب الديك الرومي حتى إنه أراد أن يجعله رمز أميركا القومي... وفجأة شعرت بيد ولي العهد تمسك بي. وبدأ يهتف مردداً: أخي، هذه علامة من الله... هذه علامة من الله... هذا فأل طيب، هذا فأل طيب!».
ويقول بوش: «لم أفهم منه شيئا أبداً! ما الذي أصابه؟! وما أهمية الديك الرومي؟ ولماذا هو علامة الله عنده؟! ولكني اندهشت لأن توتره السابق معي بدأ فجأة يذوب. وعندما عدنا إلى المنزل، كان أعواننا مندهشين عندما قلنا لهم إننا مستعدون لإكمال المحادثات».
ويضيف: «في الفترة التي تبقت من رئاستي كانت علاقتي مع ولي العهد وثيقة للغاية. صار هو ملكاً بعد فترة قصيرة من ذلك الزمن... ولم يحدث قط أن رأيت أنثى الديك الرومي التي ألهمته الوحي في ذلك الجزء من المزرعة. ولم أرها أبداً منذ ذلك الوقت».
هوامش ومراجع
(1) جُمِعَ بعض من مذكرات الرئيس دوايت ايزنهاور، في كتاب طبع في أميركا سنة 1984. وقد رتبه وجمعه وعلق عليه المؤرخ الأميركي ستيفن أمبروز. ولكن نصوص اليوميات الكاملة التي كتبها ايزنهاور لم تنشر كلها، ربما لضخامتها أو لحساسية محتواها.
واليوميات، مدونة في مجموعة من الكراسات بخط يد الرئيس الأميركي، ومحفوظة ضمن مجموعة الأوراق الخاصة به، في ملفات أحدها بعنوان الشرق الأوسط، الصندوق رقم 2، في مكتبة ايزنهاور الرئاسية بآبيلين، في كانساس. ويمكن لمن يريد الاطلاع، أو تصوير نسخ منها، إذا شاء، بموجب قانون الحق في تداول المعلومات في الولايات المتحدة، أن يفعل ذلك. والمقاطع التي كتبها ايزنهاور، واعتمدتها في المقال لم تنشر مثلاً في كتاب أمبروز، ولكن الصحافي المصري محمد حسنين هيكل أمكنه أن يطلع عليها، وأن يضمّنها في كتابيه «ملفات السويس» (نشر 1986)، و في كتاب «سنوات الغليان» (نشر 1988) أيضاً.
(2)
بالنسبة إلى تفاصيل استقبال سعود في واشنطن، يمكن العودة إلى كتاب محمد السلاح «سعود في أمريكا».
(3)
يقصد ايزنهاور بقوله كنا نحن بـ«الفراك»، البدلات التي يلبسها رجال الأرستفراطبة في حفلاتهم الرسمية ، وأما العباءات التي كان يلبسها السعوديون ، فجمع لعباءة ، وهي الرداء الذي يرتديه شيوخ العرب فوق دشداشاتهم. أمّا قوله «كان أولاد البترول يجرون من حول ملك السعودية»، وقد استعمل ايزنهاور عبارة : ( The children of oil ) فإن الرئيس الأميركي كان يقصد: رؤساء مجالس إدارات شركات البترول في أميركا التي كانت أرباح شركاتهم المحتكرة للنفط السعودي خيالية في تلك السنوات.
(4)
تعليقات ايزنهاور التي تسخر من الملك سعود، مقتبسة مما أورده محمد حسنين هيكل في كتابه «ملفات السويس»، الطبعة الأولى 1986، مركز الأهرام للترجمة والنشر ص. 603 – 604.
(5)
كتاب «ملفات السويس»، محمد حسنين هيكل، ص 504

*
كاتب عربي

جريدة "الأخبار" اللبنانية

الخميس، 3 أبريل 2014

عون: لن أترشح بوجه جعجع ولا إمكانية دستورية لوصول قهوجي


وكالات
اعتبر رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون، في مقابله تلفزيونية، ان “لا مقاومة إذا لم يكن هناك شعب يحتضنها، فالمقاومة خارجة من الشعب والمقاومة هي إبنة الشعب الساكن على الحدود ولا يكون هناك مقاومة لولا وجود بيئة حاضنة”، مشيرا الى ان “المقاومة أعطت أحسن النتائج وما لم تفعله الجيوش النظامية فعلته المقاومة”.
وعن قول رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن المقاومة معادلة خشبية، شدد عون في حديث تلفزيوني، على ان “لا مقاومة بدون بيئة حاضنة وهي الشعب ولا مقاومة إذا أرادت أن تتصارع مع الجيش، فشرعية المقاومة تأتي من الإحتلال، والأخطار لا تزال موجودة والكل يعترف بها”.
وعن إمكانية وصوله للرئاسة، لفت عون الى ان “لا رسالة كبرى تتحقق في العالم إلا من خلال الصليب وأعني بالصليب أحيانا النفي وأحيانا التعذيب والسجن”، موضحا انه “لا لزوم للترشح للرئاسة إنما إذا تبين أن هناك ظروف مؤاتية لترشيحه وأن يحقق شيئا فأنه مرشح ومرشح قوي”، مشيرا الى انه “إذا الظروف لن تساعد فلن ينتحر إذا لم يصبح رئيسا، ويمكن ألا يترشح والقرار لم يحسم بعد والناس يظنون أننه يزحف للرئاسة وهذا غير صحيح”.
واعتبر عون انه “إذا لم يكن الرئيس مستقلا وليس حياديا لأن الحياد لا يقوم بشيء، فلا يستطيع تحقيق أي شيء”، لافتا الى ان “الترشح لا يحتاج إلى إعلان، وانه يريد أن يترك إرثا يذكر فيه لبنان وبرنامجه يعالج المشكلات”.
واعلن عون ان “أول قرار سيتخذه إذا أصبح رئيسا فسيكون القرار الأمني، خاصة على الحدود بالإضافة إلى الأمن الداخلي، وهناك مليون و300 ألف نارح سوري لا نعرف هويتهم السياسية”.
وشدد عون على “انه لا يستطيع أن يكون رئيسا بدون الطوائف الأخرى”، موضحا انه “لن يكون مرشحا بوجه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ولينزل إلى مجلس النواب ويتم التصويت في المجلس”، لافتا الى ان “من له الطاقة للنزول إلى الميدان والربح فأنه يهنيه ولا يريد منافسة أحد”، معتبرا انه “إذا جرى اللعب بصحة التمثيل المسيحي فالفراغ الرئاسي قائم”.
ورأى عون ان “السجال السياسي يتم فيه إستخدام تعابير كالزجل اللبناني ولكن مع الأسف قسم من الناس يخسرون الموضوعية في كلامهم وتصبح الأهداف السياسية الشخصية هي التي تنطق ويتم إنتقاد الحدث بناء لخلفيات أخرى”.
ولفت عون الى ان “الإمتحان الكبير بالشرعية هو أثناء الإنتخابات ونتيجة الإنتخابات موجودة في مجلس النواب”، معربا عن “اطمئنانه لوضعه الشعبي ووضعه السياسي وضميره مرتاح”.
واشار عون الى “انه مطمئن دائما لأصدقائه”، موضحا انه “حصل لقاء واحد مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وليس لقاءين، والغاية من اللقاء كان تأليف الحكومة وتسهيل الطريق وتحدثنا عن التعاون في المستقبل”، مضيفا ان “لا أحد كان يستطيع في وقتها حسم موضوع الرئاسة وتم فتح عهد جديد من العلاقات”.
واوضح عون انه “بعد تأليف الحكومة قمنا بقفزة كبيرة ثم تم الإتفاق على خلاف التعبير في ما يتعلق بالمفردات التي تستخدم في دعم المقاومة”، لافتا الى ان “وجهات النظر مع تيار المستقبل ليست متطابقة دائما وهناك حق الإختلاف في الرأي”، مؤكدا ان “علاقته مع الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله جيدة ومع الحريري جيدة”.
ولفت عون الى “انه يريد صداقة مع كل الدول العربية وأي خلاف معهم يحدث إرباكا”، مشيرا الى “اننا نتوخى الصداقة والتعاون وإذا كان لديهم أفضليات فهم يعبرون عنها”، موضحا ان “لا دعوة له لزيارة السعودية والعلاقة معها تحسنت”.
وشدد عون على “اننا نطلب دائما الصداقة مع الآخرين ولكن هذه الصداقة لا يجب أن تلغينا ولا خصوم لدينا إلا من يهددنا”، معتبرا ان “أهم شيء بالدفاع عن النفس هو وحدتنا الوطنية وإذا اضطررنا فيجب أن ندافع ونقاوم”.
ولفت عون الى انه “عندما نعارض بالسياسة دولة معينة لأننا نشعر أنها تهدد وجودنا بسبب مصالحها”، موضحا “اننا نتعاون مع إيران والسعودية ضمن المقبول بالسيادة والإستقلال”.
واشار عون الى ان “العلاقة مع رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط طبيعية، وهناك إشارات إيجابية من رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالرغم من الضجة التي تحدث من وقت إلى آخر”.
ورأى عون انه “كلما اختلت العلاقة مع سوريا كلما حدثت مشاكل”، لافتا الى ان “في سوريا نظام ديمقراطي يرضي شعبها والبدائل المطروحة للنظام في سوريا غير مقبولة”، لافتا الى انه “ما زال هناك متسع من الوقت أو من الظروف لإستئناف الحوار في سوريا وإيقاف مسار تهديم سوريا”.
واعتبر عون ان “مبادرة المعارضة في سوريا موجودة بيد التكفيريين”، مشيرا الى ان “الرئيس السوري بشار الأسد حسن شروطه جدا ومن بعد الحرب فالأمر يتطلب إعمارا”، لافتا الى ان “السياسة الطبيعية لبلدين متجاورين هي حسن العلاقات وتفاهمت مع الأسد على حسن العلاقات وليس على النظام في البلدين”.